دراسة حديثة توضح تأثير البكتيريا المعوية على سلوك الإنسان
عادة ما نصاب بالاكتئاب أو الحزن دون سبب واضح ، و لذلك عمل الباحثون على معرفة أسباب تلك التقلبات المزاجية ، و من هنا أشار العديد من الباحثين إلى أن هناك نوع معين من البكتيريا المعوية تقوم بالتأثير على مناطق معينة من الدماغ مسؤولة عن السلوك و المزاج ، و تم إجراء دراسة كاملة حول هذا الأمر ؛ تقوم تلك الدراسة بالربط بين التغييرات السلوكية و
البكتيريا
الموجودة في جسم الإنسان.
إجراء التجارب على الفئران:
في البداية تم إجراء بعض التجارب على الفئران لمعرفة مدى تأثير البكتيريا المعوية على تغير السلوك ، و الشعور بالقلق أو الاكتئاب ، و بالفعل أثبتت تلك التجارب صحتها و قدرة تلك البكتيريا على تغيير الخصائص السلوكية و الدماغية ، و بالتالي بدأ تطبيق تلك التجارب على البشر.
إجراء التجارب على البشر:
تم إجراء تجربة جديدة و فريدة على مجموعة من النساء ، و كان الهدف من تلك التجربة هو معرفة مدى تأثير البكتيريا المعوية على سلوك الإنسان و
الحالة النفسية
له ، و قد جرت التجربة على النحو الآتي ؛ تم أخذ عينات براز من حوالي أربعين امرأة ، و ذلك من أجل تحليل تلك العينات ، و بعد ذلك تم أخذ صور رنين مغناطيسي لدماغهن أثناء مشاهدتهن صوراً تحتوي على أشخاص أو نشاطات أو أشياء تثير مشاعرهن ، و بعد قيام الباحثون بجمع تلك المعلومات ؛ تم التوصل إلى نتائج مذهلة ، تم تقسيم تلك النتائج إلى قسمين.
القسم الأول من نتائج الدراسة:
و في هذا القسم أوضح الباحثون أن حوالي ثلاثة و ثلاثين امرأة من أصل أربعين يمتلكن نوعاً من البكتيريا موجودة بكثرة في أجسادهم تسمى العصوانيات “Bacteroides”، و تلك النتيجة جاءت بعد تحليل براز هؤلاء النساء ، أما فيما يتعلق بالسبع نساء الباقيات ، فقد توصل الباحثون إلى أنهن يمتلكن نوعاً آخر من البكتيريا تسمى البرفوتيلا “Prevotella” ، و هي بكتيريا موجودة بكمية كبيرة في أجسادهن ، و قد أكدت صور الرنين المغناطيسي على أن النساء اللواتي يمتلكن نسبة أكبر من العصوانيات “Bacteroides” ، يكون لديهن سماكة ملحوظة في المادة الرمادية في القشرة الأمامية و الفص الجزيري (Insula) في الدماغ ، و من المعروف أن تلك المنطقة من الدماغ هي المنطقة المسؤولة عن المعالجة المعقدة للمعلومات ، هذا بالإضافة إلى إظهار النتائج أن هؤلاء النسوة يمتلكن تضخماً في حجم الحصين “Hippocampus” ، و هو المسؤول الأول عن عمليات التذكر لديهن.
القسم الثاني من نتائج الدراسة:
أما عن القسم الثاني من نتائج الدراسة فقد توصل فيه العلماء إلى أن تلك المجموعة تمتلك نسبة أكبر من البرفوتيلا “Prevotella” ، و التي أظهرت وجود ترابط أكبر بين مناطق مختلفة من الدماغ و المسؤولة عن العاطفة و الانتباه و الإحساس ، و قد ظهر انخفاضاً ملحوظاً في حجوم بعض أجزاء الدماغ مثل منطقة الحصين ، هذا بالإضافة إلى أن تلكَ المنطقة قد أظهرت هبوطاً في النشاط أثناءَ مشاهدة تلك النساء صوراً ذات دلالات سلبية ، و من هنا لاحظ الباحثون أن تلك المجموعة من النساء أظهرت مستويات أعلى من المشاعرِ السلبية كالقلق و الحزن و التوتر أثناء مشاهدة الصور التي تم عرضها عليهن مسبقًا و ذلك بعد مقارنتهن بالمجموعة السابقة.
و مازالت الأبحاث و الدراسات مستمرة لمعرفة ما إذا كانت البكتيريا هي التي تؤثر على تطور الدماغ و نشاطه عند التعرض لمحتوى عاطفي مؤلم ، أو أن الاختلافات الموجودة في الدماغ تؤثر على أنواع البكتيريا الموجودة في الأمعاء.