عبدالله بن المبارك الرجل الذي حج عنه ملك

العالم الفقيه عبدالله بن المبارك، أمير الأتقياء كما أطلق عليه أهل زمانه، حدثت له قصة عجيبة وذلك بأن استأثر امرأة فقيرة على نفسه ودفع إليها بنفقات الحج التي كان قد أعدها لذلك الأمر، وقد كان معروفًا عنه أنه يحج سنة ويغزو سنة، فكافئه الله عز وجل، مكافئة عظيمة شهد عليها كل من عاصره وحج في تلك السنة.


قصة عبدالله وأم البنات:


حدثنا عبدالله عن نفسه فقال: لما كانت السنة التي أحج فيها، خرجت بخمسمائة دينار إلى موقف الجمال بالكوفة لأشتري جملاً، فرأيت امرأة على بعض الطريق تنتفُ رِيشَ بطة أحسبها ميتة، فتقدمت إليها وقلت: لِمَ تفعلين هذا؟!! فقالت: يا عبدالله لا تسألني عما لا يعنيك، فوقع في خاطري من كلامها شيء فألححتُ عليها.

فقالت: يا عبدالله قد ألجأتني إلى كشف سري إليك ثم قالت: يرحمك الله، لي أربع بنات مات أبوهن من قريب، وهذا اليوم الرابع ما أكلنَ شيئاً، وقد حُلت لنا الميتَة، فأخذت هذه البطة أصلحها وأحملها إلى بناتي، فقلت في نفسي ويحك يا ابن المبارك، أين أنت من هذه؟!!

فقلت لها: أبسطي حجرك فصببت الدنانير في طرف إزارها وهي مُطرقةٌ لا تلتفت، وقلت لها: عودي إلى بيتك، فاستعيني بهذه الدنانير على إصلاح شأنك، يقول ابن المبارك: ونزع الله من قلبي شهوة الحج في هذا العام، ثم تجهزت إلى بلادي، وأقمت حتى حج الناس وعادوا، فخرجت أتلقى جيراني وأصحابي.

فصار كل من أقول له: قبل الله حجتك وشكر سعيك، يقول لي: وأنت قبل الله حجتك وسعيك!! إنا قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا، وأكثر الناس عليّ في القول، فبتُ مفكراً في ذلك فرأيت النبي صل الله عليه وسلم في المنام، وهو يقول: يا عبدالله لا تعجب، فإنك قد أغثت ملهوفة من أمتي، فسألت الله أن يخلق على صورتك ملكاً يحج عنك.


من هو عبدالله بن المبارك؟


هو عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلي، كانت أمه خوارزمية وأبوه تركي، ولد في عام 118هـ، كان ابن المبارك طالبًا للعلم في كل مكان خاصة في الأماكن التي ينشط فيها العلم والعلماء، ينتقي أفضلها ويحفظه لم يكن مهتمًا أبدًا بالكم الذي يتحصل عليه، وهو من أصحاب الأربعينيات جمع أربعين حديثًا وذلك تطبيقًا لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم: «من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله

يوم القيامة

في زمرة الفقهاء والعلماء»


من أقوال العلماء فيه:



قال نعيم بن حماد: كان ابن المبارك يُكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف استوحش وأنا مع النبي وأصحابه؟، وقال أيضًا: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور أو بقرة منحورة من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه.

•  قال سفيان الثوري: إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام.

•  قال ابن عُيينة: نظرت في أمر الصحابة، وأمر عبد الله، فما رأيت لهم عليه فضلاً إلا بصحبتهم النبي وغزوهم معه.