قصة هارون الرشيد والمرأة البرمكية

هارون الرشيد هو الخليفة العباسي الخامس من أشهر خلفاء الدولة العباسية ، وأكثرهم ذكرًا ، تميز عصره بالازدهار الثقافي والديني كما عمد إلى تأسيس مكتبة “بيت الحكمة” ببغداد، وهذه قصته الشهيرة مع المرأة البرمكية التي وهبها الله علم الكلام، كما وهب هارون فطنته وقدرة على تفسيره، مع ذكر نبذة بسيطة عن

هارون الرشيد

والبرامكة.


قصة هارون الرشيد والمرأة البرمكية


قصة المرأة البرمكية:


دخلت امرأة برمكية على الخليفة هارون الرشيد، وعنده جماعة من أصحابه، فقالت له: يا أمير المؤمنين، أقرّ الله عينك، وفرّحك بما أتاك، وأتمّ سعدك، لقد حكمت فقسطت.

فقال لها الرشيد: من تكونين أيتها المرأة؟

فقالت: أنا من آل برمك، ممن قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم.

فرد هارون الرشيد: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفّذ فيهم قدره، وأما المال فمردود اليك.

ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه فسألهم: أتدرون ما قالت المرأة البرمكية؟

فقالوا: ما نراها قالت إلا خيرا؟!

فقال الرشيد لأصحابه، وقد كان معهودٌ عنه البلاغة: ما أظنكم فهمتم مقصدها:

فأما قولها «أقرّ الله عينك»، أي أسكنها عن الحركة، واذا سكنت العين عن الحركة عميت،

وأما قولها «فرّحك بما أتاك»، فأخذته من قوله تعالى: {{حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام:44]

وأما قولها: «أتم الله سعدك»، فأخذته من قول الشاعر:   اذا تمّ شيئا بدا نقصه ** ترقّب زوالا اذا قيل تم

وفي قولها: «لقد حكمت فقسطت»، فأخذته من قول الله تعالى: «{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:15]»، فتعجّب أصحاب الخليفة العباسي هارون الرشيد من بلاغة المرأة البرمكية، وعلم كلامها الغزير، فلقد كانت تدعو عليه بدل الدعاء له، من دون أن يلاحظ فقهاء القوم وأبلغهم.


هارون الرشيد والبرامكة:


لما تولى هارون الرشيد الخلافة أسند إلى يحي البرمكي إدارة شؤون البلاد، وهو ما قام به يحي على أكمل وجه حتى أن ولداه الفضل وجعفر عملوا معه بالإدارة لما تميزوا من مهارة ودقة، بعد ذلك ولى الرشيد جعفر البرمكي على الجزيرة والشام ومصر وأفريقية فقد كان محبوبًا من الخليفة مما جعل الخليفة يبقى عليه ببغداد حتى يبقى بجانبه ويستشيره، مما ساعد على نمو نفوذ جعفر وسلطته في الدولة.

كثرت الدسائس بين الخليفة و

البرامكة

وشعر الرشيد بأن البرامكة شاركوه في سلطانه بشكل يخل بسلامة وأمن الدولة مما اضطره إلى التخلص منهم، وكل من له صلة بهم، فعاقبهم وأودعهم السجون وصادر جميع أموالهم، حتى الشعراء أصدر الرشيد أمر لهم بعدم رثاء البرامكة، حتى أن يحي وابنه الفضل توفوا في السجن قبل وفاة الرشيد، وبعد ذلك بمدة عفا عن من تبقى منهم الأمين بن هارون الرشيد، لتنتهي بذلك قصة البرامكة والصراع على الحكم المتوهم ، مع الكثير من الأخبار الكاذبة الأمر الذي جعل الخلفة هارون الرشيد يزج بأعز أصحابه في السجون.