سر العلاقة بين طيور الدوري ومجاعة الصين الكبرى عام 1961

مجاعة الصين الكبرى والتي يطلق عليها الحزب الشيوعي الصيني اسم ” ثلاث سنوات من الكوارث الطبيعية “، أو ” ثلاث سنوات من الأوقات الحرجة “، هي فترة امتدت بين عام 1958 إلى عام 1961 وقد كان يرمز إليها بالمجاعة ” الشاملة ” .


مجاعة الصين الكبرى


مجاعة الصين الكبرى من وجهة نظر الحكومة الصينية كانت مجموعة من

الكوارث الطبيعية

، التي حدثت في البلاد لمدة ثلاث سنوات بسبب عوامل مثل الجفاف وسوء الأحوال الجوية وغيرها، وقد راح ضحية هذه المجاعة بحسب ما صرحت عنه الحكومة في التقديرات الرسمية حوالي 15 مليون شخص، أما التقديرات الغير معلنة التي قدرها الباحثون فهي مختلفة تماما، حيث قال الباحثون أن عدد ضحايا هذه المجاعة تراوح بين 20 إلى 43 مليون شخص، وقد أعلن المؤرخ ” فرانك ديكوتير ” بعد الاطلاع على المواد الأرشفية في الصين بشكل سري، أن عدد الضحايا لا يقل عن 45 مليون حالة وفاة حدثت منذ عام 1958 إلى عام 1962، ويصف الفلاحين في الصين هذه الفترة باسم ” الثلاث سنوات المرة ” .


طيور الدوري


إن الحكومة الصينية والحزب الشيوعي الصيني حددوا أسباب المجاعة الصينية الكبرى تحت عدة مسميات كما ذكرنا، وهي الكوارث الطبيعية مثل الجفاف وتغير المناخ وما إلى ذلك، إلا أن أحدا منهم لم يذكر السبب الحقيقي وراء تلك المجاعة، والتي تسببت فيها ” طيور الدوري “، وطيور الدوري هي نوع من الطيور يتبع فصلية الدواري التي تسمى الدوريات الحقيقية أو دوريات العالم القديم، وتقع هذه الطيور ضمن رتبة العصفوريات .

وهذه العصافير هي طيور صغيرة الحجم، لونها خليط من ثلاث ألوان هم الأسود والبني والأبيض، ويتميز منقارها بأنه مخروطي الشكل، وتتغذى هذه العصافير على الحبوب، وتوجد في العديد من المناطق حول العالم، ويتراوح طول هذه العصافير من 14 إلى 16 سم، وهي ذات عرف نحاسي، وبقعة سوداء صغيرة على كلا الخدين، ويعد الموطن الأصلي لهذه الطيور هي أفريقيا، ولكنها تعيش الآن في العديد من المناطق الأخرى في كلا من قارة آسيا وأوروبا .


سر العلاقة بين طيور الدوري ومجاعة الصين الكبرى


إذن ما هو سر العلاقة بين المجاعة التي حدثت في

دولة الصين

وبين طيور الدوري سابقة الذكر، إن هذه الطيور تسببت في حدوث المجاعة الصينية الكبرى التي أودت بحياة الملايين من الناس، فقد قام الزعيم الشيوعي في الصين في هذا الوقت ” ماو تسي تونغ “، بالأمر بقتل كل طيور الدوري في الصين، وهذا بحجة أن هذه الطيور تتغذى على المحاصيل الزراعية، وهو كان يريد تحقيق قفز كبرى كانت تسمى ” القفزة العظيمة للأمام “، والتي كان يرغب فيها باستخدام العدد الهائل من السكان في الصين لتحقيق قفزة اقتصادية سريعة لاسيما في الزراعة، واعتمد في ذلك على نظرية تسمى ” نظرية القوى المنتجة “، وبما أن هذه الطيور كانت تتغذى على بعض الحبوب والمحاصيل الزراعية، فقد أمر ماو بقتلها كلها وتسبب في حدوث أكبر كارثة بيئية صنعها إنسان على مر التاريخ .

وفي بيان رسمي للزعيم ماو عام 1958 أعلن أنه يجب قتل كل طيور الدوري، ووصف هذه الطيور بالآفة التي يجب التخلص منها، ظنا منه أنها تأكل كمية كبيرة من المحاصيل وأن الحل الأمثل لها هو إبادتها كلها واعتبر أن هذا هو الحل المنطقي للأمر، وقال أن هذه الطيور بمثابة عقبة كبيرة تقف أمام تقدم الاقتصاد في الصين، وبالتالي تم قتل أعداد هائلة من طيور الدوري بشكل وحشي، حيث دفع ماو المواطنين لقتل هذه الطيور وملاحقتها ومنعها من الهبوط أو بناء أعشاش لها، وذلك عن طريق إخافتها وترويعها باستخدام نوع ما من الطبول سبب لها الإجهاد الشديد، وكان المواطنين يطلقون الرصاص عليها في السماء وعلى الأشجار حتى انقرضت تقريبا في الصين، وكان كل شخص يقوم بقتل أعداد كبيرة يحصل على مكافآت مالية ويتم معاملته معاملة الأبطال .


انتشار الجراد بشكل مخيف


بعد قتل كل طيور الدوري تقريبا أدى ذلك إلى انتشار الجراد بشكل مخيف، وقد كانت طيور الدوري تتغذى على هذا الجراد، وبالتالي مع موتها انتشر هذا الجراد بهذه الأعداد الكبيرة، ومع انتشاره قام بأكل كل شيء في طريقه، وقضى على كل المحاصيل الزراعية ودمرها، مما أدى إلى نفاد الأغذية بشكل سريع وحدوث مجاعة مروعة تعد من أكبر

المجاعات

في التاريخ .