الأبخرة المتصاعدة من المنظفات والعطور مصدر رئيسي لتلوث الهواء
هل يمكن للأبخرة المتصاعدة من المنظفات والعطور و
الدهانات
أن تسبب الكثير من المتاعب للغلاف الجوي كما تتسبب فيها محتويات خزان وقود السيارات ؟
الأبخرة المتصاعدة من المنظفات والعطور مصدر رئيسي لتلوث الهواء
تشير دراسة نشرت في السادس عشر من فبراير الماضي من قبل باحثين في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي وجامعة كولورادو في مدينة بولدر، إلى أنه إذا أردنا تنظيف الهواء الذي نتنفسه، فقد حان الوقت لبدء الاهتمام بالمنتجات المنزلية الشائعة التي تطلق مركبات عضوية متطايرة، ووجدت الدراسة أن الانبعاثات المتعلقة بالوقود قد أصبحت أكثر نظافة بسبب لوائح مثل قانون الهواء النظيف، حيث قلت نسبة الانبعاثات التي كانت تشكل 75 في المائة من انبعاثات المركبات إلى 50 في المائة، والنصف الآخر وفقا للبحث هو أساسا بسبب المنتجات الكيميائية التي يستخدمها الإنسان .
الدراسة الجديدة
على الرغم من أن هذا يبدو غريبا حتى بالنسبة إلى الباحثين الذين تفاجئوا قليلا من النتيجة، يقول بريان ماكدونالد المؤلف الرئيسي للدراسة : ” هذا هو حقا الاكتشاف الحقيقي في هذه الدراسة، وبما أن انبعاثات السيارات قد أصبحت أكثر نظافة تدريجيا بسبب لوائح مثل قانون الهواء النظيف، فقد بدأت المنتجات المنزلية تشكل نسبة أكبر من المركبات العضوية المتطايرة ” .
المركبات العضوية المتطايرة
يتم إنتاج المركبات العضوية المتطايرة بشكل طبيعي من قبل النباتات، ولكن حوالي 30 في المائة من الانبعاثات تأتي من العمليات الصناعية، ويقول أتول جين أستاذ علوم
الغلاف الجوي
في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين : ” إنها غازات قصيرة الأمد ولكنها غازات تفاعلية شديدة التأثير على الأوزون والميثان “، وتعمل المركبات العضوية المتطايرة بالفعل كمغسلة للميثان، وهي واحدة من أكثر غازات الاحتباس الحراري فعالية، إذ أن دورة المركبات العضوية المتطايرة من خلال تفاعلات كيميائية مختلفة، تشكل جذور الهيدروكسيل ” OH- ” التي تأخذ الميثان من الغلاف الجوي .
وهناك بعض الآثار الجانبية السلبية لذلك، فعندما تتفاعل المركبات العضوية المتطايرة مع أشعة الشمس والغازات في الغلاف الجوي، فإن المركبات تشكل الأوزون التروبوسفيري ( المعروف باسم الضباب الدخاني ) والجسيمات التي تجد طريقها إلى المسالك التنفسية، فالضباب الدخاني هو سيء جدا لصحتنا، والمركبات العضوية المتطايرة يمكن كذلك أن تسبب تهيج في العينين والرئتين، أو صداع وردود فعل تحسسية .
بيانات وكالة حماية البيئة
تظهر البيانات الواردة من جرد الانبعاثات لوكالة حماية البيئة، أنه منذ التسعينيات شهدت المركبات على الطرق الوعرة أكبر انخفاض في المركبات العضوية المتطايرة من المصادر الأخرى في الهواء الطلق مثل العمليات الصناعية، ولكن في هذه الأثناء تجاهلنا في الغالب المواد الكيميائية والملوثات المحتملة التي تم إصدارها عندما نستخدم الأدوات المنزلية مثل :
معطر الجو
، والدهانات، ومنتجات التنظيف، ولا تتبع قاعدة بيانات وكالة حماية البيئة الانبعاثات من هذه المنتجات .
وهذا هو السبب في وجود هذه الدراسة التي تقودها
جامعة كولورادو
في بولدر، والتي حاولت تتبع مصادر محددة من هذه المركبات .
حساب الملوثات
إن حساب كم الملوثات بالضبط التي يتم الافراج عنها مع كل رذاذ كانت صعبة، لأن الكثير من المكونات الموجودة في المنتجات المصنعة تعتبر معرفتها ملكية خاصة، وقد لا تضطر الشركات إلى الإبلاغ عن تلك المعلومات بشكل عام، تقول جيسيكا جيلمان واحدة من مؤلفي الدراسة : ” إذا نظرتم إلى جانب الزجاجة لديكم في الحمام أو المطبخ، فإنك ستجد أن الشركات تستخدم كلمة واحدة، ولكن ما يصل إلى 2000 مركب يمكن أن تندرج تحت هذه الفئة من العطور، لذلك كان على الباحثين أن يبحثوا عن المؤلفات العلمية لكمية المركبات العضوية المتطايرة التي ينتجها كل منتج .
ولمعرفة ما إذا كانت نسبة الملوثات في الغلاف الجوي تتطابق مع الانبعاثات المقدرة من المنتجات المنزلية، استخدم المختبر أدوات ذات تقنية عالية ومخصصة – أفضل من الإصدارات ” الجاهزة ” التي استخدمتها معظم الهيئات التنظيمية، وفقا لما ذكرته مؤلفة الدراسة جيسيكا جيلمان .
الأدوات التي استخدمت في الدراسة
قالت جيلمان : ” يمكن لأداة ” NOAA ” قياس مجموعة أوسع بكثير من المركبات العضوية المتطايرة، بما في ذلك العديد منها التي تحتوي على ذرات الأكسجين، مثل الإيثانول والأسيتون والأيزوبروبانول، والتي كانت مهمة لهذه الدراسة، ويمكننا قياسها في تركيزات منخفضة جدا – أقل من جزء واحد لكل تريليون لبعض المركبات العضوية المتطايرة – مع دقة عالية ” .
وتابعت : ” وهذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها أخبارا سيئة عن منتجاتنا المنزلية، فمعظم المستهلكين في الثمانينيات لم يفكروا في أن الاسبراي المثبت للشعر كارثة بيئية بكل المقاييس، ولكن بعد ذلك اكتشف العلماء أن مركبات الكلوروفلوروكربونات من هذا الاسبراي قد تسببت في ثقب حفرة في طبقة الأوزون، وأدت تلك المعارف إلى بروتوكول مونتريال، وهو اتفاق عالمي النطاق خفض بشكل كبير كمية مركبات الكربون الكلورية فلورية في الغلاف الجوي، وحال دون التدمير الكامل ل
طبقة الأوزون
المنقذة للأرواح .
تقليل الانبعاثات
يقول جاين : ” كل شيء يتعلق بالسيطرة، كما أن المزيد من البحوث الصحية والبيئية العامة قد يساعد على نحو مماثل من تغيير الطريقة التي نفكر فيها من حيث استخدام المنتجات التي تعتمد على المركبات العضوية المتطايرة، إن اختيار الدهانات المائية واستخدام بخاخ التنظيف يمكن أن يساعد على تقليل الانبعاثات، والنباتات الداخلية هي طريقة نقية لتصفية الهواء الذي نتنفسه ” .
ولكن في حين أن الحد من المركبات العضوية المتطايرة البشرية المنشأ يمكن أن تكون مفيدة لصحة الإنسان، فإن هذا لا يعني أن زجاجة من العطور الخاصة بك أخضر من الانبعاثات التي يطلقها خزان الوقود في سيارتك، فلا يزال يتم إطلاق ثاني أكسيد الكربون كمنتج ثانوي عند قيادة أو حرق الوقود الأحفوري، بغض النظر عن مدى كفاءة سيارتك، وهي غازات دفيئة خطرة في حد ذاتها، إن الحد من انبعاثات الكربون أمر حيوي لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ .
ويقول ماكدونالد : ” لا تزال وسائل النقل مهمة عندما يتعلق الأمر بالتفكير في جودة الهواء، وكل ما نقوله هو أن الحد الانبعاثات الناجمة عن استخدام المنتجات الكيميائية من المحتمل أن تكون مهمة أيضا ” .