قصص عن الإيثار

الإيثار هو تفضيل الغير على النفس، والإنفاق والبذل مما تحب، وهو من الجود والكرم وقد عرف عن العرب أن شيمتهم الجود، وقد ضرب المسلمون الأولون أروع القصص في الإيثار ولنا فيهم أسوة حسنة، وفي السطور القادمة سوف نستعرض بعض القصص  اللطيفة التي تبعث في النفس حب

الإيثار

.


ويأثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة:


قال حذيفة العدوي: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي ومعي شيء من ماء وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته منه ومسحت به وجهه. فلما وجدته أشرت إليه أن أسقيه، فقال لي ابن عمي: نعم، فإذا برجل يقول: آه، فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه، فجئته، فإذا هو هشام بن العاص، فلما أشرت إليه سمع آخر يقول: آه، فأشار إلي هشام أن انطلق إليه، فجئته، فإذا هو قد مات، فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فانصرفت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات!!


أنفق مما تحب:


روي أن

عبد الله بن عمر

رضي الله عنهما نزل الجحفة وهو شاك (أي مريض) فقال: إني لأشتهي حيتانًا، فالتمسوا له، فلم يجدوا إلا حوتًا واحدًا فأخذته امرأته فصنعته ثم قربته إليه، فأتى مسكين فقال ابن عمر رضي الله عنهما للمسكين، خذه، (يعني الطعام) فقال له أهله: سبحان الله، قد عنيتنا ومعنا زاد نعطيه، فقال لها: إن عبد الله يحبه (يعني يحب أكل الحوت)، فذلك جاد به دون غيره.


إنهم إخوة بعضهم من بعض:


أراد عمر بن الخطاب أن يختبر أصحابه وإيثارهم فأخذ أربعمائة دينار، فجعلها في صرَّة ثمَّ قال للغلام: اذهب بها إلى

أبي عبيدة بن الجرَّاح

، ثمَّ تلكَّأ ساعة في البيت حتى تنظر ماذا يصنع بها، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال: وصله الله ورحمه. ثمَّ قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السَّبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان. حتى أنفدها، فرجع الغلام إلى عمر، فأخبره فوجده قد أعدَّ مثلها ل

معاذ بن جبل

. وقال: اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل، وتلكَّأ في البيت ساعة حتى تنظر ماذا يصنع.

فذهب الغلام بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال: رحمه الله ووصله، وقال: يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا وبيت فلان بكذا، فاطَّلعت امرأة معاذ فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلَّا ديناران فنحا بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسُرَّ بذلك عمر، وقال: إنَّهم إخوة بعضهم مِن بعض.


الإيثار من شيم النبلاء:


يعني الإيثار ترفع الفرد عن شهوات الدنيا وملذاتها سواء كانت طعام، أو مال أو أي شيء تطوق النفس البشرية إليه وذلك رغبةً وأملًا فيما عند الله، انطلاقًا من إيمان الفرد أن نعمة الدنيا وشهواتها زائلة لا محالة، أما ما عند الله باقٍ لا يفنى، وهو معنى لا يصل مفهومه للكثيرين جعلنا الله وإياكم من الذين قال فيهم: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9]