رواية الانمساخ لـ فرانز كافكا .. المسخ الذي أتم عامه المئة

كيف يمكن لإنسان أن يستيقظ صباحًا ليجد نفسه قد تحول لحشرة بشعة؟ ، يخرج الكاتب الألماني “فرانز كافكا” عن رواياته المألوفة و يفاجئ الجميع برواية من نوع خاص يثور فيها على التسلط و الاستغلال و التطفل ، رواية الانمساخ هي أشهر روايات فرانز كافكا و تم تصنيفها كأفضل أعمال القرن العشرين و أكثرهم تأثيرًا في المجتمع ، و حتى وقتنا الحالي يتم دراستها في العديد من الجامعات الغربية.



نبذة عن الكاتب فرانز كافكا :


ولد الكاتب الألماني فرانز كافكا عام 1883م ، تعلم الكيمياء و الحقوق و الأدب في الجامعة الألمانية “براغ” ، في بداية حياته عمل موظفًا في شركة تأمين و كان دائماً يقضي وقت فراغه في الكتابة ، و كانت حياته مليئة بالحزن و المعاناة و السبب الرئيسي في ذلك هو والده المستبد القاسي ،

له العديد من المؤلفات و من أهمها مجموعة مكونة من ثمان قصص صغيرة ، و من أهم رواياته ؛ الحكم و الانمساخ و فنان الجوع و شعب الفئران.


نبذة عن رواية الانمساخ :


تم نشر رواية الانمساخ عام ١٩١٥م ، و هي واحدة من أهم روايات الكاتب الألماني

فرانز كافكا

، قد أشار النقاد إلى هذه الراوية أنها تنتمي للمذهب العبثي في الأدب و تعمل على معالجة العديد من الموضوعات الشائعة في المجتمع الرأسمالي ، و في هذه الرواية يثور الكاتب على هذا المجتمع و يصنع حبكة روائية تضع القارئ في صراع مع الرواية ذاتها.


تتمحور الرواية حول الاغتراب الذي قد يعيش فيه الإنسان نتيجة لظروف المجتمع التي تتناقض مع رغباته و آماله ، و التي قد تؤدي إلى تحول ذاته البشرية إلى آلة مبرمجة ، كما يمكن أن تقوم ظروف المجتمع بتحويل الإنسان لحشرة ينفر منها الجميع و لا يكون لها أي أهمية في المجتمع ، و هنا يجد الإنسان نفسه أمام خيارين ؛ إما أن يستسلم لهذا الواقع الغير عادل الذي يفرض عليه الغربة و الانعزال عمن حوله ، أو أن يرفض هذا الواقع و يتمرد عليه و هذا ما ناقشه الكاتب في رواية الإنمساخ.

ملخص رواية الإنمساخ :


تبدأ الرواية بالتاجر “غريغور سامسا” الذي يستيقظ ذات يوم ليجد نفسه تحول إلى حشرة بشعة ، و هنا يشعر القارئ بالفضول حول حياة هذا التاجر البسيط الذي تحول لحشرة ، يبدأ الكاتب بالإشارة إلى حياة سامسا الشخصية فيكشف أنه يعمل في إحدى شركات المبيعات ليُعيل أسرته التي تتكون من أب و أم و أخت ، فهو الابن البار الذي يؤدي واجباته على أكمل وجه و تعيش أسرته متطفلة على راتبه الضعيف.


أما بالنظر إلى عمل سامسا نجد أنه يعمل كبائع متجول لإحدى الشركات ، فهو الشخص المجد في عمله المتعايش مع تسلط و تحكم رئيسه في العمل ، و برغم الخضوع التام الذي يُظهره سامسا في عمله إلا أنه يرغب بداخله أن يترك هذا العمل و لكنه خائف على أسرته.


و من هنا نجد حالة انفصام يعاني منها سامسا فهو متشتت ما بين الخضوع أو التمرد على واقعه ، و مع هذا الصراع يستيقظ سامسا في يوم من الأيام ليجد نفسه تحول إلى حشرة بشعة ، في البداية ظن أنه ما زال يحلم و لكن بمجرد أن خرج من غرفته و شاهد أسرته التي صُعقت عند رؤيته ، تيقن أنه ليس حلمًا ، أدرك سامسا أن حالة الانمساخ التي أصابته لم تشمل وجهه فقط بل شملت صوته أيضا.

و من هنا كان تعامل الأسرة مع سامسا بشكل مهين سببًا في انعزاله عن العالم ، فقد كانوا يعاملونه كحيوان و يتواصلون معه بطريقة حيوانية ، هذا ما جعله ينعزل في غرفته ، و كان دائما يترك باب الغرفة مفتوحاً على أمل أن يأتي أحد له و لكن مع الأسف لم يكن أحد يريد التعامل معه.



التحليل النقدي للرواية :


أكد بعض الباحثين على أن كافكا كان يتحدث عن نفسه في هذه الرواية ، و هذا نظرًا لتشابه الرواية مع جوانب عديدة من حياته الشخصية ، فهو أيضا كان يكره وظيفته لأنها كانت تبعده عن الكتابة ، و لم يكن متفاهماً مع أسرته و لم يتقبل قسوة والده ، حتى إذا نظرنا إلى اسم كافكا و اسم بطل الرواية سامسا نجد أن الاسمين يحملان نفس عدد الأحرف و نفس النغمة الموسيقية.

أما بالنظر إلى الرموز الذي ذكرها كافكا في الرواية فقد لاحظ الباحثين أنه استخدم النافذة لأنها الصلة التي تربط الكاتب بالعالم الخارجي ، كما استخدم صورة المرأة الملفحة بالفرو ليرمز إلى حالة عاطفية محددة ، كما أشار الباحثين إلى أن تكرار تحديد الزمن يشير إلى سرعة تقدم الوقت بشكل لا نلحظه ، و أشاد الجميع بقدرة كافكا العجيبة على جعل القارئ يندمج بكل مشاعره في الرواية.