تفسير قول الله تعالى ” وسع كرسيه السموات والارض “

من أعظم الآيات فضلا في القرآن الكريم الآية رقم 255 من سورة البقرة، و التي يطلق عليها اية الكرسي ، و التي يقول فيها الله عز و جل: ” وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضَ”، و كانت هناك اختلافات بين المفسرين حول المعنى المقصود من قول الله عز و جل.


معنى وسع كرسيه


أي وسع علمه


اتجه بعض المفسرين إلى ان المقصد من كلمة “كرسيه” في قول الله عز و جل في سورة البقرة: بسم الله الرحمن الرحيم “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضَ” هو علم الله، و ذلك أن علم الله يسع السماء و الأرض و ما بينهما، و قد روي عن سعيد بن جبير انه قال، قال ابن عباس: كرسيه هو علمه ، و في رواية أخرى ان ابن عباس اكمل قائلا: “ألا ترى إلى قوله: و لا يئوده حفظهما؟”، و يقصد بذلك بقية الآية في قوله الله عز و جل: “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ “، فالله سبحانه و تعالى لا يئوده حفظ ما علم من علم واسع لا ينتهي، و أحاط به مما في السموات و الأرض، و كما أخبرنا الله عز و جل عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: “ربنا وسعت كل شيء رحمة و علما”، فعلم الله قد وسع كل شيء، و يقال انه من كلمة كرسي جائت كلمة كراسة و هي الصحيفة التي نسطر فيها العلم المكتوب.


معنى الكرسي


هو موضع القدمين


قال بعض المفسرين ايضا ان المقصود بالكرسي في قول الله عز و جل: “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ “، هو موضع القدمين، حيث روى عمارة بن عمير، عن أبي موسى قال: الكرسي هو موضع القدمين، و الكرسي له أطيط كأطيط الرحل، و قال آخرون: وسع كرسيه السماوات و الأرض ، فإن السموات و الأرض في جوف الكرسي، و الكرسي بين يدي العرش، و هو موضع قدميه عز و جل، و روي عن الضحاك أنه قال: “وسع كرسيه السماوات و الأرض و الكرسي الذي يوضع تحت العرش، الذي يجعل الملوك عليه أقدامهم.


أحاديث رسول الله عن كرسي العرش

لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم آية الكرسي، و فيها قول الله عز و جل: “وسع كرسيه السموات و الأرض”، قال أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم: يا رسول الله هذا الكرسي وسع السموات و الأرض، فكيف العرش؟ فأنزل الله سبحانه و تعالى قوله في الآية السابعة و الستين من سورة الزمر: ” وَ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ السَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”.

و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث آخر: “ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس”، و يروى عن أبي ذر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض”.

و قد أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فعظم النبي الله عز و جل، ثم قال: إن كرسيه وسع السموات و الأرض ، و إنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع – ثم قال بأصابعه فجمعها – و إن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد، إذا ركب من ثقله”.