قصة العروس العمياء والصماء والبكماء

قصة من

التراث

عن شاب فقير أكل تفاحة من بستان وكان عقاب صاحب البستان له أن زوجه ابنته العمياء والصماء والبكماء والقعيدة عن الحركة، فهل يقبل الشاب بهذا العقاب تكفيرًا له عن خطيئته؟


طالب العلم الجائع:


يحكى أنه كان هناك شاب فقير ذو أخلاق رفيعة وهمة عالية كان يخرج في طلب العلم ولا يطلب من الدنيا إلا أن يكون ذا تقوى وعلم، حتى انه كان يبيت أيامًا بدون طعام يأكله الجوع، وفي أحد الأيام بينما كان يمشي في الطريق وجد بستانًا من التفاح شعر الفتى حينها بالجوع الشديد وأخذت أمعائه تحدثه أن تفاحة واحدة لن تضر صاحب البستان في شيء، ولكنها سوف تسكت جوعه، وبالفعل أخذ الشاب التفاحة وأكلها فسكت عنه جوعه وعاد في طريقه إلى البيت.


أنا لص سارق:


وعندما عاد الشاب إلى بيته أخذ ضميره وعقله يوبخانه على فعلته، فكيف له أن يستحل شيئًا بدون إذن صاحبه وظل يردد في نفسه أنا لص سارق، كيف فعلت ذلك بنفسي فعاد سريعًا إلى صاحب البستان، وقال له: يا عم لقد أخذت من بستانك تفاحة ووالله ما فعلت ذلك إلا عن جوع شديد وجئت إليك استأذنك فيها، فقال له صاحب البستان: جئت لي بعد ان أكلتها، والله لا أسامحك أبدًا قالها وانصرف من أمامه.

صعق الشاب من رد الرجل وجعل يمشي ورائه يستسمحه ويقول له أرجوك سامحني والرجل لا يرد عليه  حتى دخل الرجل بيته، وجلس الشاب على عتبة الرجل يبكي ويلوم نفسه حتى ابتلت لحيته، وعندما خرج الرجل من منزله مرة أخرى فوجئ بالشاب جالسًا يبكي، فقال الشاب يا عمي: أنا مستعد للتكفير عن ذنبي دعني أعمل عندك بدون أجرة حتى أستوف حق التفاحة.


أسامحك بشرط:


سكت صاحب البستان لحظة ثم قال: أنا موافق على مسامحتك بشرط، قال الشاب: أنا مستعد لأي مقابل، قال الرجل: تتزوج من ابنتي، وهنا امتلك الشاب الذهول مما يقوله الرجل، وأكمل الرجل: ولكن عليك أن تعلم أن ابنتي عمياء، صماء، بكماء، مقعدة لا تمشي وهذا هو شرطي الوحيد حتى أسامحك.

سكت الشاب وجعل يفكر، كيف تكون لي زوجة بهذه المواصفات وأنا ما زلت في مقتبل العمر، ثم عاد وقال لنفسه اصبر عليها واحتسب لعلها تكون المنجية لي من هذه الورطة، ويعوضني الله بها خيرًا، وقال لصاحب البستان أنا موافق على رأيك وسوف أتزوج من ابنتك.


العروس عمياء، صماء، بكماء:


تهللت أسارير الرجل وقال للشاب: سوف أقيم لك وليمة للزواج يوم الخميس القادم وسف أتكفل بمهرها عنك، انصرف الفتى وقد أحس بأنه أوقع نفسه في ورطة كبيرة وكل ذلك بسبب تفاحة، ولما جاء يوم الخميس ذهب الشاب إلى بيت عروسه متثاقل الخطى يشعر بالخيبة والحسرة ولكن ليس بيده شيء، وعندما طرق الباب فتح له أبوها وأدخله وعد لحظات قال له: يا بني تفضل بالدخول على زوجتك، بارك الله لك فيها، وفتح له باب غرفتها.

لما اقترب الشاب من الغرفة وجد فتاة في غاية الجمال لها شعر كالحرير منسدل على كتفيها وعيون أشبه بعيون الغزلان، فقامت الفتاة وقالت له: تفضل، دهش الشاب وتسمر مكانه فليست هذه العروس التي حدثه الرجل عنها إنه أمام حورية من حوريات الجنة.

فقال لها: لماذا قال أبوك عنك انك عمياء وصماء وبكماء؟ فضحكت وقالت: أنا عمياء عن الحرام لا أنظر إليه وبكماء لا أتكلم بالحرام أبدًا وصماء لا أستمع إلى الحرام أبدًا وقعيدة فلا تخطو قدماي إلى موضع حرام، وأنا وحيدة أبي الذي طالما كان يبحث لي عن

الزوج الصالح

، ولما رأى من بكاءك وخوفك من أكل ما لا أحل الله لك، فقال في نفسه من يخاف الله في أكل تفاحة يخاف الله في ابنتي، فزوجك إياي، فعلم الشاب أن الرجل ما أراد به إلا خيرًا.