معنى العفو والصفح في اللغة والفرق بينهما

تحتل اللغة العربية مكانة مهمة بين اللغات، فهي لغة القرآن ، وفيها الكثير من الألفاظ المترادفة، حيث احتوى القرآن الكريم على ألفاظ مترادفة استخدمت في أكثر من موضع، وفسرت بأكثر من تفسير، وقد لا يشعر بهذا الاختلاف القارئ العادي، لذلك يحتاج إلى التفسير لتوضيح المعنى بشكل أكبر.

ومن بين هذه المترادفات لفظ العفو ولفظ الصفح، حيث يشتركان في المعنى ، ولكن يختلف موضع كلا منهما، وقد استخدمت كلا من اللفظين في القرآن الكريم، وجاء تفسير

علماء اللغة

كالتالي:


أولا لفظ العفو



معنى لفظ العفو في اللغة :

عفا أي زال وأمحى، فيقال عفا أثر فلان، أو أعفى الله فلانا ، أي وهبه العافية من العلل والبلايا ، ونقول أيضا عافاه الله معافاة أي أبراه من العلل .

وقيل أيضا أن العفو من المال فهو ما زاد على النفقة، فجاء في

القرآن الكريم

( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) ، كما جاء أيضا بمعنى الكثير العفو في قوله تعالى ( وكان الله عفوّا غفوراً)


ثانيا الصفح



معنى الصفح في اللغة:

يأتي الصفح من الفعل صفح ، فصفح عنه صفحا أي أعرض عنه، وعفا عنه ، ويقال أيضا صفحت جبهته صفحا: أي انبسطت انبساطا مفرطا، ويقال استفصح فلانا أي طلب منه الصفح، واستفصح فلانا ذنبه أي استغفره إياه ، فالصفح هو العفو ، والرجل الصفوح هو الكريم المتسامح.


الفرق بين العفو والصفح


يمكن توضيح الفرق بين

العفو

والصفح من خلال مثالين هما:


1- مثال على العفو:

وهو عندما تغضب الأم من ابنتها فتذهب الابنة للاعتذار وبالفعل تقبل الأم الاعتذار،ولكنها ترفض الجلوس معها،  ولكن لا تحاسب الأم ابنتها على الخطأ، فهنا يسمى ( العفو ) أي أنها تترك الحساب ولم تعاقبها على ذنبها ولكن عاقبتها بعدم الجلوس معها .


2- مثال على الصفح:

عندما تتخاصم الابنة مع أمها، وتذهب إليها لمصالحتها مع ارسال رسالة اعتذار إليها، ففور رؤية الأم لابنتها تبتسم إليها وتتصافى معها، فهذا هو الصفح ، وقد جاء في القرآن الكريم (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) حيث جمعت الآية الكريمة بين ثلاث مترادفات هما العفو والصفح والمغفرة


وهنا جاء علماء اللغة ليفسروا الفرق بين الألفاظ الثلاثة وكانت كالآتي:


– لفظ العفو يستخدم في التعبير عن الظالم

– لفظ الصفح يستخدم في التعبير عن الجاهل

– لفظ المغفرة يستخدم للتعبير عن المسئ

وهنا فإن معنى الصفح ألا يوبخ الشخص من أساء إليه أو يلومه على فعلته، والعفو يكون بعدم المعاملة بالمثل، أي أن العفو معناه تجاوز الشخص عن الإساءة ولكن يبقة شئ في نفسه قد تمحى مع الزمن، أما الصفح فإن الشخص ينسى الاساءة في لحظتها ، وهنا جاء قول الله تعالى  (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم)


لفظي العفو والصفح في القرآن


(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ) وهنا جاء العفو بمعنى طاب له شيئا من نفسه من مال.

(عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ) : عفا هنا تعني رفع عنكم التكليف.

(وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ ) العفو هنا يعني الفائض من الأموال.

(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) عفا عنها: أي لم يذكرها لكم،أو زال ذكرها.

(فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ) والتي تعني اتركوا العقوبة.

(وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتية فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)

(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)


الخلاصة :

أن الصفح أبلغ من العفو، لأن الشخص قد يكون قادرا على العفو ولكن لا يستطيع الصفح، لأن الصفح هو تجاوز الذنب والمذنب أيضا، أما العفو فإنه يسقط اللوم والعتاب على الشخص ولكن دون ثواب، ويكون العقاب معنوي في هذه الحالة