أداب المدح في الهدي النبوي
اليوم أصبحنا نشهد المدح بطريقة فظة و علنية على صفحات الجرائد و شاشات التلفاز ، و ما لا يعرفه البعض أن
المدح
له أصول و قواعد في السنة النبوية .
المدح في الدين الإسلامي
في البداية لابد من ذكر أن النبي قد مدح في حضوره ، كما أنه قد مدح بعض أصحابه ، و هذا دليل قاطع على جواز المدح في الإسلام ، و لكن ببعض الشروط التي تم وضعها في هذه المسألة .
موقف النبي مع أبو بكر الصديق
هناك العديد من المواقف بين النبي و الصحابة في هذه المسألة ، و منها ذلك الموقف الذي جمع النبي مع
أبو بكر الصديق
، و قد قال المفسرين أن هذا الموقف كان هذف النبي منه هو ذكر مكانة أبو بكر الصديق ، و تحفيز المسلمين على أن يتقدموا إلى منزلته ، و أن يتخذوا منه قدوة حسنة ، و هذا تبعا لحديث
النبي صلى الله عليه و سلم
“من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير. فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، و من كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، و من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، و من كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة”. قال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، ما على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة ، فهل يدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “نعم وأرجو أن تكون منهم” .
المدح المذموم
أسلفنا في الذكر أن المدح أمر مشروع بشرط أن يتم التواضع لله ، و لكن هناك عدة طرق للمدح تم ذمها من رسول الله ، و منها ما يلي .
المدح في حضور الممدوح إذا كان ذلك يفسده
الاعجاب بالذات أو الغرور من الآفات القلبية التي تودي بصاحبها إلى الهلاك أو الدمار ، لذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتجنب مدح البعض ، إن كان هذا المدح سوف يودي بهم إلى الضلالة أو الفتنة ، و ذلك اعتمادا على قوله حينما رأى رجلا يمدح في حضوره ، فرد قائلا “أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل” ، قال ابن بطال: “حاصل النهي هنا أنه إذا أفرط في مدح آخر بما ليس فيه ، لم يأمن على الممدوح العجب لظنه أنه بتلك المنزلة ، فربما ضيع العمل والازدياد من الخير اتكالًا على ما وصف به” كذلك عندما قال “ومن يرد الله به خيرًا يفقه في الدين ، وإن هذا المال حلو خضر ، فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه ، وإياكم والتمادح ؛ فإنه الذبح” .
المدح الذي يصل إلى المبالغة
يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رفض أن يتم مدحه بشيئا من المبالغة ، فماذا أن قمنا نحن بمدح أشخاص لا تصل منزلتهم إلى ربع منزلة النبي ، و يظهر ذلك حينما سمع رسول الله بعض المسلمين يثنون عليه ، و يقولون ياسيدنا و ابن سيدنا فرد عليهم قائلا “يا أيها الناس عليكم بتقواكم ، ولا يستهوينكم الشيطان ، أنا محمد بنُ عبدِ الله ، عبدُ الله ورسولُه ، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل” هذا فضلا عن أنه حين لقب بسيد قريش رد قائلا أن السيد هو الله .
مدح الظالمين
و يعد هذا النوع من المدح أسوأ أنواعه حينما يتم استخدام المدح في الحديث عن رئيس أو حاكم يظلم شعبه ، و ذلك لأن هذا المدح سوف يعينه على مزيد من الظلم ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} .