لمحات من حياة الامام شمس الدين القرطبي
من الأعلام في تاريخنا الإسلامي الامام شمس الدين القرطبي، و الذي يشتهر بتفسير لكتاب الله عز و جل في مؤلف اسمه الجامع لأحكام القرآن، و له العديد من المؤلفات الأخرى التي ما زالت موجودة حتى اليوم.
من هو شمس الدين القرطبي؟
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، و الذي يقال انه ولد سنة 600 هجرية، 1204 ميلادية، و هو أحد علماء اللغة العربية و مفسري
القرآن الكريم
، و قد ولد في مدينة قرطبة في الأندلس و نسب اسمه إليها، و عاش جزءا من حياته في مصر بعد أن سقطت الأندلس، و مات سنة 671 هجرية في قرية مني الخصيب بالمنيا و دفن في صعيد مصر.
كتب شمس الدين القرطبي
ترك لنا شمس الدين القرطبي إرثا من الكتب و المؤلفات الدينية، و التي عكف عليها سنين من عمره، و ما زالت موجودة حتى اليوم، و منها على سبيل المثال:
– الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام.
– تفسير القرطبي “الجامع لأحكام القرآن”.
– التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة.
– التذكار في أفضل الأذكار.
– المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس.
نشأة شمس الدين القرطبي
كان شمس الدين من اسرة بسيطة في
قرطبة
، و كان يعمل في صناعة الخزف، و لكنه مع ذلك بدأ الاعتكاف على العلوم الدينية منذ نعومة أظافره، و تعلم اللغة العربية و الشعر و حفظ القرآن الكريم، و عاش في قرطبة حتى سقطت الأندلس عام 633 هجرية، و فر منها مع من فر و اتجه نحو المغرب العربي و ظل يرحل من بلد لآخر حتى انتهى به المطاف في مدينة الإسكندرية في مصر، ثم استقر في صعيد مصر.
شيوخ شمس الدين القرطبي
تعلم القرطبي عل ى يد حفنة من مبار العلماء في عصره، و منهم الامام المحدث ابن رواج، و العلامة بهاء الدين أبو الحسن ابن الجميزي، و أبو العباس القرطبي، و الحسن البكري، و قد تأثر أيضا بقراءته لمؤلفات كل من
ابن جرير الطبري
صاحب كتاب جامع البيان في تفسير القرآن، و أيضا تأثر بالماوردي و نقل عنه في مؤلفاته، و تأثر بأبي جعفر النحاس، و القاضي ابن عطية، و أبو بكر ابن العربي.
تفسير القرطبي للقرآن الكريم
قال القرطبي عن تفسيره للقرآن الكريم: “وعملته تذكرةً لنفسي، و ذخيرةً ليوم رَمْسِي، و عملاً صالحًا بعد موتي”، و قال ايضا: “و شرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها، و الأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله”، و يتضح من كلامه ها المنهج الذي اتبعه في تفسيره لكتاب الله عز و جل، حيث كان شمس الدين القرطبي يهتم بتفسير كل آية على جميع الأوجه، و يورد فيها جميع ما ورد من الأقوال و ينسبها إلى قائلها، و يقسم تفسير كل سورة من القرآن إلى عدة أبواب.
ففي تفسير
سورة الفاتحة
أربعة أبواب، باب فضل سورة الفاتحة و أسمائها الاخرى، و باب نزول السورة و أحكامها، و باب التأمين، و باب المعاني و القراءات و إعراب سورة الفاتحة، و تحت كل باب من الابواب يقسم التفسير إلي عدة مسائل، و يفند كل مسألة تفنيدا، و يورد من الشواهد ما يجده ضروريا، و يضيف الأحاديث بتخريجها و يذكر متن الحديث و سنده و قبوله، و ينقل عن المفسرين الذين سبقوه، مثل ابن جرير الطبري و ابن عربي، و كان يتجنب الاسرائيليات و الروايات الضعيفة، و لا يتعصب لمذهب واحد.