الشعور بالغربة والحنين إلى الوطن في رواية تحت سماء كوبنهاغن
لا يشعر بألام الغربة ووحشتها إلا الذين ذاقوا مرارته، وبالتحديد عندما يحاول الشخص رسم صورة لوطنه في تفاصيل وطن أخر، فيصبح الأمر مزيج بين خيبة الأمل والإحباط حتى إن وجد الحب ، فحتى المشاعر لا تخرج بصدق إلا لوطنه.
حول رواية ( تحت سماء كوبنهاجن )
“الوطنية هنا لا تعني الشغف الواجب بالوطن كما هو معروف بالنسبة إليكم يا من تهيمون في أوطانكم ترفًا” هكذا يصف بطل رواية تحت سماء كوبنهاجن حال الشعور بالوطنية في بلاد المهجر ، هذا المهجر الذي تضطر بعضنا الظروف للجوء إليه ، هربًا مما وصل إليه حال وطنه أو سعيًا للرزق في بلاد الله .
“رافد” هو صاحب هذه الكلمات وبطل هذه الرواية التي تدور أحداثها تحت سماء كوبنهاجن في
الدنمارك
، ويمثل رافد في هذه الرواية مثالًا للمغترب الحائر بين الحنين إلى وطنه وأصوله ، وبين محاولات إثبات الذات والتأقلم مع الثقافة الجديدة ، فهور رجل ناضج اضطره ظروفه لمغادرة وطنه العراق والهجرة إلى الدنمارك ، وهناك يكتشف معانٍ مختلفة للوطنية عن تلك التي كان مؤمنًا ومقتنعًا بها، وهناك تغيرت حياته كليًا بعد تعرفه على “هدى” .
وهدى هي فتاة مراهقة ولدت في الدنمارك لأبوين عراقيين ، تتقاطع حياتها مع رافد بمجرد إرسالها له رسالة عبر البريد الإلكتروني تطلب منه فيها ترجمة رواية قد كتبتها من الدنماركية إلى العراقية ، وهنا يتفاجأ رافد بما تعرفه هدى عنه ، وهي المعرفة التي يتكشف حقيقتها تدريجيًا ، ومنها تتداخل فصور رواية هدى وحياتها مع رواية رافد وحياته ، لتنشأ بينهما علاقة عاطفية وسيلتها الوحيدة للتقارب هي البريد الإلكتروني .
نشرت الطبعة الأولى من رواية “تحت سماء كوبنهاجن” عام 2009 ، وبحلول عام 2010 ضُمت الرواية إلى القائمة الطويلة للروايات المرشحة للفوز ب
جائزة البوكر العربية
، وهو دليلًا آخر على مدى روعة هذه الرواية ومدى إضافتها الثرية إلى المكتبة العربية .
نبذة عن الكاتبة
ولا تختلف بطلة هذه الرواية الرائعة كثيرًا عن كاتبتها، فلقد ولدت الكاتبة حوراء اياد النداوي في
بغداد
عام 1984، وعقب ولادتها ببضعة أشهر تعرض والداها للاعتقال والسجن في سجون النظام العراقي، وفي هذه السجون قضت حوراء أول عام ونصف من حياتها ، لتغادر أسرتها العراق بعد إطلاق سراحهم متجهين إلى الدنمارك ، وكانت تبلغ حوراء حينها من العمر ست سنوات ، وفي الدنمارك نشأت حوراء على الثقافة واللغة الدنماركية ، ولكن والديها حرصا على تعليمها اللغة والثقافة العربية في المنزل ، لتبدأ من هنا رحلة كاتبتنا مع الرواية العربية التي أثمرت عن رواية “تحت سماء كوبنهاجن” أول الأمر، واستمر إثمارها مع صدور روايتها الثانية “قسمت” العام الجاري .
مقتطفات من الرواية
– الفصحى .. تضحكني هذه اللغة .. أظن بأن العرب هم الوحيدون في العالم الذين يكتبون ويقرأون لغة لا يتحدثونها !
– عشقتك بالقوة التي يعشق الرجال بها النساء. لا بالانكسارة التي تعشق النساء بها الرجال
– أليس الحب مثل قرابة الدم ؟ نميّزه حتى إن لم نكن نعرف من يكون .. مثلما يميّز والد ابنًا تغيرت ملامحه بعد غياب سنين !
– حين أحببتك، تعلمت كيف أشكل يومي بأصابعي، واصنع منه ما أشاء له ان يكون.
– للنساء فلسفة فاسدة تقضي بامتلاك الرجال .. وأنا صدّقت بيني وبين نفسي بأن زوجتك من أولئك اللواتي يضفِرن رجالهن حول أصابعهن …… لأنني أحبك جدا سيدي لم أرد أن أملكك .. ولن أفعل .
– الوطنية هنا لا تعني الشغف الواجب بالوطن كما هو معروف بالنسبة لكم يا من تهيمون في أوطانكم ترفاً. الوطنية هنا هي أن تعرف أكثر القليل عن وطنك و أن تلوك مفاهيمه الأصلية على قدر استطاعتك و أن تمضغ لغته بين فكيك ثم تخزنها خلف لسانك مثل القات.
– مثيرون للشفقة أولئك الذين يختارون البغض لينطلقوا الي العالم عبره..فهو لون قاتم وكئيب،لايوحي بديناميكية ما.
– يارب .. لِمَ لَمْ تجعل العمرَ نصفهُ طفولة ونصفَه كهولة، دون أنْ يعكّر صفوَ حياتنا الشباب ؟
– لعل الغربة تعطيك كثيراً حين تكون فرداً ، وتأخذ منك أكثر حين تصبح جماعة!
– لأنني لا أشبع من حبك .. لا أريدك أن تكون لي، فأنا يحلو لي كثيرًا أن تكون لك.
– اذا أردنا أن نحرك الكون بغير الحب ، فسنفعل ذلك بكل ماهو عكسه .
– أكتشفت سريعًا أنني مغبونة في هذه الحياة لأنني وُلدتُ فيها أنثى.
– اكره فكرة ان يتجمل رجل بغية جذب اهتمام امرأة.