قصة النجاح والإلهام للفتاة الباكستانية منيبة مزاري

يبدو أنه قد آن الأوان أن نغير نظرتنا التقليدية لذوي الإحتياجات الخاصة ومن يعانون من بعض المشكلات الصحية التي تجعلهم يفقدون إحدى الهبات التي يتمتع بها باقي الأفراد، حيث تفرض منيبة مزاري صاحبة قصة اليوم على الجميع أن ينظر إليها نظرة مختلفة عن تلك التي ينظر بها الجميع إلى الأفراد الذين يستخدمون الكراسي المتحركة.


من هى منيبة مزاري


إسم غريب على الكثيرون من أبناء الوطن العربي، إنها منيبة مزاري، فتاة تبلغ من العمر ثلاثون عاماً، ولدت في

باكستان

عام 1987، لعائلة محافظة، هى واحدة من النماذج التحفيزية التي تشجع على النجاح وتلهب الحماسة وتأجج المشاعر وتشحذ الهمم، وتدعو إلى تحدي الإعاقات والمشاكل والصعوبات التي قد تواجه البعض.


قصة منيبة مزاري


تزوجت منيبة مزاري بناءًا على رغبة والدها وعائلتها وذلك عندما بلغت الثامنة عشر، ونظراً لإنتمائها لعائلة محافظة فقد وافقت على الزواج من شخص لم تعرفه مسبقاً، ولكنها لم تكن سعيدة أبداً خلال سنتين هما عمر هذه التجربة، وفي إحدى المرات وأثناء إستقلالها هى وزوجها السيارة وقع حادث أليم إستطاع خلاله الزوج أن ينقذ نفسه وينجو دون التعرض للإصابة، ولكن منيبة ظلت عالقة بالسيارة حتى تم إنقاذها، ولكنها أصيبت إصابات بالغة في الحبل الشوكي فقدت على إثرها القدرة على المشي مجدداً، وتحولت منيبة مزاري من فتاة رياضية أساس حياتها هو الركض والحركة إلى فتاة تلازم الكرسي المتحرك ولن تبرحه مجدداً.

أي مأساة وأي ألم وصدمة تلقتها هذه الفتاة عندما كانت في العشرين من عمرها! قد يهزم مثل هذا الحادث الكثيرون ويفقدهم الأمل في الحياة وينظرون للعالم نظرة سودوية، فقد فقدوا مؤهلاً أساسياً من الأساسيات التي تمكنهم من الإستمتاع بالحياة، خاصة في مثل هذه السن الصغيرة، لكن ذلك لم يحدث مع منيرة مزاري بأي شكل من الأشكال.


قصة نجاح وإلهام منيبة مزاري


تمثل منيبة مزاري التحفيز والإلهام في أبهى صورهما، عندما علمت بخبر إصابتها وأنها لن تستطيع المشي مجدداً ضاقت بها السبل، وإنهارت في البداية ولكن لوقت قصير خاصة بعد أن تخلى عنها زوجها في ذلك الوقت.

تلقت منيبة مزاري الصدمات الواحدة تلو الأخرى فعقب الحادث أصيبت بالعديد من الإصابات بيديها وجسدها، وكذلك فقد فقدت القدرة على المشي والأصعب من ذلك بكثير أن طبيبها قد أعلمها بأنها لن تستطيع الإنجاب مجدداً، وقد كان هذ الخبر هو الأصعب والأقسى من بين كل الأحداث السيئة والأخبار التي تلقتها وهى مازالت في العشرين من عمرها، فقط وعند هذه اللحظة تساءلت منيبة عن سبب وجودها في الحياة والحكمة من ذلك فهى لن تستطيع المشي ولا الإنجاب، لماذا تظل حية حتى تلك اللحظات؟

كانت هذه هى اللحظة الحاسمة في حياتها، ونقطة الإنطلاق التي غيرت نظرتها للحياة، فعلى الرغم من علمها بإصابة يديها البالغة إلا أنها ملت فراش الموت الذي كانت تجلس عليه كما كانت تسميه، فقررت تحويل اللون الأبيض الذي يحيط بالمشفى إلى حياة أخرى مليئة بالألوان، كانت منيبة تعشق الرسم، فطلبت من أشقائها أن يحضروا لها أدوات الرسم وهى مازالت تتلقى العلاج الفيزيائي بالمشفى، وإستطاعت أن تغير منظورها ونظرتها للعالم، فحولت العالم الكئيب المظلم الذي يواجه الأفراد في الفترة الأولى لتلقي مثل هذه الصدمة ، إلى عالم آخر مليء بالألوان المبهجة التي أسعدتها، وإختارت لنفسها أن تسلك طريقاً آخر قدر لها أن تسلكه ولكن على طريقتها الخاصة.


قصة نجاح منيبة وإنتصارها على إصابتها


ملئت منيبة جدران المستشفى باللوحات المعبرة التي إستطاعت من خلالها أن تعبر عن حالتها النفسية، وأن تنجز شيئاً جديداً في الحياة، وقد أحب الجميع لوحاتها التي تخفي ورائها الكثير من الأسى والحزن.

خرجت منيبة من المشفى وإستطاعت أن تجعل من الكرسي المتحرك الذي تجلس عليها نافذة أمل للكثيرين ونقطة إنطلاق لنجاحات أخرى في حياتها، لتدرك الحكمة الأساسية من هذا الحادث.

أصبحت منيبة مزاري أول عارضة أزياء تجلس على كرسي متحرك، وواصلت نجاحها فعملت مذيعة بالتلفزيون الوطني الباكستاني، كما تم إدراج إسمها ضمن قائمة أكثر السيدات تأثيراً وفقاً لمجلة بي بي سي لعام 2015، وكذلك فقد إشتركت في العديد من الندوات والبرامج التحفيزية وألقت العديد من الخطابات الملهمة التي جعلتها نموذج يحتذى به في الإرادة والعمل وقهر التحديات وتحويل النقمة إلى نعمة.


الدروس المستفادة من قصة منيبة مزاري


إن الدرس الأعظم والأهم في قصة هذه الفتاة هو أنه وراء كل شيء يصيب الإنسان حكمة إلهية يجب الإنتباه إليها.

كما أن بعض النقم يمكن تحويلها لنعم هائلة، فلولا هذا الحادث لإستمرت منيبة في حياة بائسة لم تكن تحتوي على أدنى مقومات السعادة.

يمكن للإنسان الإنتصار على شتى الصعوبات التي تواجهه فقط كل ما يحتاج إليه هو الرغبة في النجاح والحياة والعزيمة لمواجهة مشكلاته والصعوبات التي تواجهه.