التصنيفات الشكلية للسندات ورأي الشرع فيها
السندات هي صكوك الدين التي تصدرها الحكومات أو الشركات الخاصة حين تعرضها لسقطات مادية ما، حيث تبدأ في جذب رؤوس الأموال لتعويض خسائرها أو القدرة على دعم مشروعاتها وضمان استمراريتها ثم سدادها في توقيت محدد، وتختلف تلك السندات من شكل لآخر كما يلي :
1- السندات الإسمية:
وهي تلك
السندات
التي يكون مدونا عليها إسم صاحبها، ويتم نقل ملكيتها من شخص لآخر عن طريق التسجيل، وهذا النوع من السندات يمكن أن يكون مسجلا بالكامل ومكتوب على السندات قيمة الدين الأصلي بالإضافة للفائدة معا، أو قد يسجل عليها حسابا جزئيا يتعلق بأصل الدين فقط، وفي تلك الحالة يتم تحصيل الفائدة عن طريق الكوبونات المرفقة.
2- السندات المستحقة لحاملها:
وهي تلك السندات التي لا تحمل عليها إسم صاحبها، بينما تنتقل ملكيتها بمجرد تسليمها من شخص لآخر، بحيث يصبح من يحملها أيا كان هو المالك لها والمستحق للعائد منها.
وعلى محرر تلك السندات سواء كانت جهة حكومية أو خاصة أن يتعهد بدفع مبلغ معين من النقود في تواريخ معينة كفوائد لتلك السندات، وذلك بمجرد الإطلاع عليها أيا كان من يحمل السند؛ حيث يقوم حامله بتقديمه للبنك المعين، وعند حلول موعد استحقاق السند يكون لحامله أيضاً الحق في استلام قيمته الاسمية من البنك مباشرة.
هناك أنواع أخرى عديدة من السندات؛ فمن من حيث المصدر نجد
السندات الحكومية
والخاصة، أما من حيث الشكل فهناك عدة أنواع أشهرها والمعترف بهما عالميا هي السندات الإسمية والسندات المستحقة لصاحبها، بينما هنالك أنواع أخرى مستحدثة عبر المؤسسات الاقتصادية المختلفة التي أصبحت تتفنن في إصدار أنواع جديدة من السندات لجلب أصحاب الأموال لإيداع مدخراتهم بشكل أو بآخر.
رأي الشرع في السندات
السندات ما هي إلا
صكوك
للديون كما يقر بذلك القانون، وبالتالي فإن مالكها يتم التعامل معه كمقرض أو دائن، ثم في نهاية الفترة المحددة يتحصل ذلك الدائن على قدر مالي أكثر مما قدمه للجهة المدانة، وهو ما يعتبر في الشريعة الإسلامية ربا.
وفي هذا الصدد نجد أغلبية العلماء المعاصرين قد ذهبوا إلى عدم جواز التعامل بالسندات دون تفريق بين أنواعها، واستدلوا على رأيهم ذلك بكون السند قرضا لأجل على الجهة المصدرة بفائدة مشروطة و ثابتة، فهو من ربا النسيئة المحرم، واتفقوا كذلك على أن هذا القرض هو من صور الودائع التي تستغلها البنوك في استثمارات خاصة بعد تملكها، مع ضمان رد المثل وزيادة، و هذا هو القرض الإنتاجي الربوي الذي كان شائعا في الجاهلية بل ونزل تحريمه في الكتاب و السنة.
وبناء على ذلك لا يجوز شرعا بيع السندات ولا تداولها مهما كانت الجهة المصدرة لها، كما لا يجوز للبنوك الاسلامية أن تسمح بالتعامل في عمليات الاكتتاب على السندات تلك سواء لأنفسها أو لصالح أي شخص أو كيان ما، ولا حتى أن يتعاطى بيعها أو شراءها أو أي نوع من أنواع التصرف في السندات كتوثيق نقل ملكيتها.
وحول هذا الأمر نجد أن مجلس مجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورة مؤتمره عام 1990 وبعد أن اطلع على كون السند مجرد شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق مع إمكانية دفع فائدة متفق عليها تحدد وفق تلك القيمة الاسمية للسند أو ترتيب نفع مشروط سواء أكانت جوائز توزع بالقرعة أو مبلغا مقطوعا أم خصما من قيمة السند، فقد قرر المجلس بإجماعه ما يلي :
إن السندات التي تمثل التزاما بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط تكون محرمة شرعا من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول؛ لأنها بذلك تعد قروضا ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة، وقد كان لهذا القرار تأثيرا كبيرا في الشارع العربي والإسلامي وأثار ضجة كبرى لا زال صداها يلوح في الأفق لبعض المستثمرين المتخوفين من مخالفة الشرع.