جهودات سلطنة عمان للتحصين من تهديدات الإرهاب
تعد سلطنة عمان من أقل دول
مجلس التعاون الخليجي
من ناحية تعرضها للعمليات أو التهديدات الإرهابية سواء القائمة أو المحتملة هذا رغم تزايد وتيرة الاحتقانات المجتمعية مع هشاشة الأوضاع الاقتصادية بل ، و كثافة النيران الأقليمية المشتعلة ، و مجاورة السلطنة من الناحية الجغرافية لدولة مثل اليمن ، و التي كما هي معروف تعاني من الصراع المسلح ، و المشتعل منذ فترة إلا أن السلطنة قد استطاعت تحييد نفسها ، و تحصين ذاتها .
و ذلك ما أكدت عليه العديد من الدراسات ، و الأبحاث في نتائجها ، و التي جاءت لتؤكد على شغل السلطنة لمراتب متأخرة في التعرض للعمليات الإرهابية في مؤشر الإرهاب الدولي بل ، و حصولها على مراكز متقدمة الدرجة في مكافحة غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب ، و غياب انخراط ابنائها في التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود بل ، و عدم انضمامها إلى أي من التشكلات الاقليمية أو التحالفات الدولية ضد الإرهاب .
إذ قد أرجع الخبراء ذلك إلى عدداً من العوامل ، و التي تتعلق في الأصل بطبيعة السياسة العمانية الشديدة الحذر ، و الحريصة على عدم دعم أي أطراف بالصراعات المسلحة ، و الجارية حالياً في الساحة الاقليمية بل ، و ارتكاز السلطنة على سياسة محددة من الناحية الداخلية ، و هي القيام بالاحتواء المبكر للمعارضة الداخلية ، و بصفة خاصة الإسلامية منها علاوة على تحريمها الكامل لأياً من الممارسات ذات الطبيعة الطائفية .
كيف ظلت سلطنة عمان محصنة من تهديدات الإرهاب :-
يوجد عدداً من التفسيرات ، و التحليلات التي توضح أسباب عدم وصول خطر الإرهاب إلى السلطنة ، و من أهمها :-
1-
احتواء المعارضة :-
يعد الاحتواء المبكر لبؤر المعارضة المسلحة الداخلية ، و بالتحديد أعضاء (جبهة ظفار لتحرير الخليج العربي) ن و التي قد قامت في السابق بقتال الجيش العماني النظامي سواء التي تتبع الجيش أو الأمن في بداية تولي
السلطان قابوس
للحكم بالسلطنة في خلال عقد السبيعنيات من القرن الماضي.
و رغماً عن انتصار السلطان قابوس عليهم بدعماً من القوى القبلية العمانية أو إيران إلا أنه أراد القضاء على الانقسمات الحادة أو الحروب الداخلية ، و ذلك كان من خلال العفو الشامل عن جميع من قام بقتال الدولة العمانية ، و راغباً بالعودة من جديد إلى سلطة الحكم علاوة على رجوع كل المنفيين من السلطنة إليها مرة أخرى قد تمت معاملتهم كغيرهم من المواطنين العمانيين بل لقد تبؤا بعضاً منهم مناصب حكومية بارزة .
2-
تجريم الطائفية :-
نصت المادة رقم 130 من قانون الجزاء العماني على معاقبة كل من ارتكب فعلاً غايته إثارة حرب أهلية في السلطنة على معاقبته بالسجن المؤبد كما يعاقب بالسجن المؤقت لمدة زمنية لا تزيد عن ما عدده 10 سنوات كل من قام بترويج ما يثير النعرات الدينية أو المذهبية أو قام بالتحريض عليها أو أثار شعور الكراهية أو البغضاء بين سكان السلطنة ، و هذا ما يعد بمثابة النهج المبكر ، و المتقدم في تجريم الطائفية مقارنة بسياسية دول خليجية أخرى تشهد نوعاً من الكراهية المذهبية .
3-
الطبيعة الخدرة للسياسة الخارجية العمانية :-
دأبت السياسة الخارجية للسلطنة في العادة على الانكفاء على الذات ، و تجنب عدم التورط في أي شكل من أشكال التدخل العسكري ، و هذا بصرف النظر عن الذرائع أو الأسباب ، و جدير بالذكر أن سلطنة عمان لم تقم بالمشاركة في أي عملية عسكرية خارج حدودها إلا في خلال حرب تحرير الكويت بعام 1991م .
و هي المشاركة التي حتمتها في الأصل التزامات السلطنة من ناحية اتفاقية درع الجزيرة ، و التي نصت صراحة على الحماية المشتركة ، و المتبادلة فيما بين دول التعاون الخليجي مما كان من نتائجه إبعادها عن التغذيات الارتدادية لاستعمال القوى العسكرية في التحركات الخارجية .
4-
تجنب السلطنة للاستقطاب :-
ابتعدت السياسة الخارجية العمانية من الأساس عن الانحياز لطرف ما في أياً من البؤر الصراعية الداخلية المسلحة مما نتج عنه جعل السلطنة بعيدة كل البعد عن الاستقطابات أو الاحتقانات التي تتغذى عليها في العادة الجماعات أو التنظيمات الإرهابية في خلال أطوار نموها .