السرية والشفافية في إدارة المؤسسات
تختلف إدارة المؤسسات من كيان لآخر وفق الرسالة التي تصدرها للجمهور، وكذلك وفق السياسات التي تتبعها تلك المؤسسة في التعامل مع موظفيها ومع العملاء ومع المنافسين.
المقصود بالشفافية
الشفافية في اللغة العربية تعني الوضوح والصراحة وعدم التخفي أو التستر أو المواربة.
بينما في علم
إدارة الأعمال
نجدها تشير لمصارحة الإدارة مع الموظفين وإعلامهم بآخر أخبار المؤسسة وصفقاتها، وكذلك وضعها الربحي، وهي وسيلة بسيطة يمكن للمؤسسة استغلالها لتحسين صورتها لدى موظفيها وضمان ثقتهم فيها.
المقصود بالسرية
السرية في اللغة تعنى كتم وحجب شيئ ما عن الذيوع والانتشار.
بينما في علوم إدارة الأعمال فتشير إلى انتهاج إدارة المؤسسة لسياسات معينة تحول دون توعية الجمهور بمستجدات أوضاع المؤسسة، وما تنوي اتخاذه من قرارات، وهو أسلوب سيء ينفر الموظفين من مديريهم ويجعلهم في حالة شك دائم وظنون حول نوايا مجلس الإدارة تجاههم وتجاه بعض القضايا البارزة داخل المؤسسة.
الإدارة بدأت بشفافية ثم تحولت لسرية
كان في الماضي منذ نشأة الأعمال النظامية سواء في القطاع العام أو الخاص، يسود نظام الشفافية بين الرئيس ومرؤوسيه، إلى أن ظهر مصطلح
الروتين
والبيروقراطية الإدارية والذي فرض على نظم الإدارة مبادئ السرية.
والحقيقة أن هذا الأمر شجع عليه الكثير من الدوافع والمبررات، ومنها أنه قيل بأن ضرورات الصالح العام تقتضي وجوب أن تظل بعض أنشطة المؤسسة وقراراتها وأعمالها وعلاقاتها وتمويلاتها بعيدة كل البعد عن النشر والإفصاح إلا للفئات الأعلى منصبا؛ وذلك لأهميتها ومدى مساسها بالمصالح الحيوية المختلفة للدولة أو للمؤسسة، ومن حينها بدأت السرية في الانتشار والتوغل بكل المصالح والهيئات.
أنواع الأسرار الإدارية
1-الأسرار المهنية:
وتلك تعبر عن الأسرار الهامة للمؤسسة ولا يعرفها غالبا إلا المدير العام ونائبه ومستشاره والمسؤول المختص بالشركة، وغالبا ما تتعلق بالمناقصات والعقود الحكومية وغيرها.
2- الأسرار الحكيمة:
وتشير إلى تلك الأمور التي ليست سرا في حد ذاتها، لكن مسألة شيوعها في وقت معين قد يترتب عليه نتائج سلبية.
3- الأسرار المبنية على نص:
وتتمثل في بعض المعلومات الإدارية التي لا تعتبر سرا كذلك، لكنها أصبحت سرا بعد ورود تعليمات تصدر من الرؤساء إلى الموظفين بالكف عن إبراز أية تفاصيل معينة، وغالبا ما تكون التعليمات الإدارية تلك مكتوبة وموثقة نصا حتى يتعرض من يخالفها للعقاب.
والمعلوم أن الإدارة السرية تتميز ببعض الخصائص واامواصفات، ومنها أنها لا تعلن مسبقا عن حركات التغيير والترقيات بل إنها تتخذ قراراتها مصادفة، حيث يفاجأ العاملون بأوراق مثبتة بلوحات الإعلانات داخل المؤسسة عليها قرارات جديدة وأوامر وتعليمات عديدة لم تكن تحدثت معهم الإدارة بشأنها من قبل.
عقود (
B.O.T
) ومدى تناقضها مع السرية
لمن لا يعرف معنى عقود (B.O.T)، إنها تلك العقود التي تخصصها الحكومة لمستثمرين من القطاع الخاص، ويكون لها مميزات وصلاحيات معينة تتعلق بالاستثمار في أراضي الدولة والحصول على أرباح كاملة واعتبار المكان كله ملك لذافك المستثمر، ولكن هذا يكون لمدة زمنية محددة كحق انتفاع، وبعده يذهب المشروع وكل ما فيه للدولة.
ويرى خبراء إدارة الأعمال أن تلك المشروعات أصبحت موضة منتشرة تنتهجها الحكومات لضمان عدة مميزات، منها الحصول على مشروع بلا أدنى إنفاق بعد فترة من الزمن تطول أو تقصر، كذلك ضمان تشغيل عمالة وحل أزمة البطالة، بالإضافة للإنتاج والرواج التجاري في الأسواق المحلية.
ولكن بعد أن تنتهي فترة التعاقد وتذهب صلاحيات المستثمر وينفصل عن المشروع، يكون حينها على علم تام بكامل تفاصيله وسبل إدارته، وهذا يخالف تماما ما يجب أن تكون عليه الإدارة في النظم البيروقراطية الحديثة، كما أنه قد يعرض المشروع لمخاطر تتعلق بنوايا هذا المستثمر.