الوارث بن كعب الحاكم العماني الذي توفى وهو ينقذ المساجين
حينما يأتي الحديث عن
التاريخ العماني
فإننا نتحدث عن شخصيات عمانية استطاعت صناعة المجد العماني في صفحات التاريخ الخالدة على مر الأزمنة ، و العصور ، و من ضمن هذه الشخصيات الإمام الوارث بن كعب الخروص ، و الذي قد بويع بالإمامة ليتولى حكم سلطنة عمان في سنة 179هـــ بعد عزل الإمام محمد بن أبي عفان .
من هو الإمام الوارث بن كعب الخروصي وكيف بويع بالإمامة :-
هو أحد أشهر أئمة أهل عمان ، و قد تمت بيعته بالإمامة في خلال القرن الثاني الهجري ، و هو يعتبر من أعدل أئمة عمان ، و تولى أمر عمان بعد عزل الإمام محمد بن أبي عفان ، و بالتحديد عن طريق شيخ أهل الحل ، و العقد موسى بن أبي جابر الأزكوي ، و جدير بالذكر انه قد وقع بينه ، و بين قائد جيش
هارون الرشيد
قتالاً شديداً كان من نتائجه وقوع القائد العباس كأسيراً في يده .
و قد اشتهر عنه الفضل ، و الورع ، و الزهد حيث قد اجمعت المصادر التاريخية على أنه كان من أفضل أئمة عمان ، و أقواهم في الدين ، و حب الخير ، و العدل بل يقال أنه من أحد أزهد الرجال الذين عرفهم التاريخ إذ تذكر بعضاً من المصادر التاريخية بأن الوارث بن كعب كان في يوم من الأيام يقوم بحرث الأرض في مزرعته .
فإذا به يسمع صوتاً يناديه ، و يأمره بالذهاب إلى نزوي من أجل إقامة الهدل ، و الحق ، و قد ترد عليه هذا الصوت لأكثر من مرة ، و بالفعل قام الوارث بتلبية النداء ، و ذهب إلى نزوي ، و التي كانت تئن تحت وطاة الظلم من قبل أل الجلندي فوجد خبازاً ، و جندياً من جنود السلطان يأكل خبزه بينما الخباز يستغيث بالمولى عز وجل ، و بالمسلمين من الجندي فقام الإمام الوارث بن كعب بزجره أكثر من مرة ، و لكن جندي السلطان لم يستجب له .
بل حاول مهاجمته فقتله الوارث وفر هارباً من بقية الجند إلى مسجداً يقال له مسجد النصر ، و في المسجد تجمع الكثيرين من الرافضين لظلم ، و جور جنرال الجلندي ، و قاموا بمناصرة موقف الوارث ، و استمر العراك فيما بينهم ، و بين جند السلطان ، و بقى الوارث في عيون أهل الحل ، و العقد رجلاً شجعاً ، و مقداماً لا يهاب الظلم ، و يقف أمامه .
و حينما قضى على أل الجلندي ، و تم تعيين محمد بن أبي عفان للقيام بأمور الحكم ، و الجند أساء السيرة مما دفع بأهل الحل ، و العقد بعمان إلى القيام بعزله عن الحكم ، و تنصيب الوارث بن كعب كإماماً على عمان حيث بايعوه عن الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر ، و الجهاد في سبيل الله ، و الدفاع عن عمان ، و بالفعل تولى الوارث أمر عمان بالحق ، و العدل إذ لم تر عمان أي سوء أو ظلم في أيام حكمه قط .
كيف كانت وفاة الإمام الوارث بن كعب :-
توفى الإمام الوارث بن كعب بحادثة في نزوي أرخها التاريخ بصفحات من ذهب ، و هي دليلاً على عدله ، و تحمله للمسئولية ، و للأمانة أمام ربه ، و أمام أهل عمان حيث يذكر التاريخ بأن مجموعة من المساجين قد تم حبسهم تحت شجرة ، و بمكاناً مرتفعاً عن مجرى وادي يسمى كلبوه ، و هو يقع بالتحديد بمحاذاة قلعة نزوي .
و لكن بسبب السيول الغزيرة ، و جريان الوادي بشكل قوي أمر الإمام الوارث بن كعب جنوده بإطلاق سراح المساجين فوراً ، و ذلك كان خوفاً عليهم من اجتياح الوادي لهم فلم يستطيع أحداً من الجنود الوصول إليهم ، و إطلاق سراحهم ، و هنا ، و حينما رأى الإمام الوارث ذلك عز عليه أن يصبح مساجينه ضحية للغرق في الوادي ، و يسأل عنهم أمام ربه فقال مقولته الشهيرة لجنوده ” أمانتي وأنا مسئول عنهم غداً” فأرتمى إليهم كي يقوم بمساعدة من يستطيع مساعدته منهم ، و لكن الوادي كان أقوى فجرفه ، و معه المساجين.
و حينما بدأ منسوب الوادي يقل بشكل تدريجي خرج أصحابه يتفقدونهم في المجرى ، و إذا بالإمام الوارث قد فارق الحياة ، و وجد جثمانه ملقياً على شقي الوادي بالجانب الشرقي من سعال ، و ذلك بالتحديد في الثالث من شهر جمادي الأول لسنة 192 هـــ فتنازع أهل العقر ، و سعال على المكان الذي سيدفن به ، و لكنهم في النهاية اتفقوا على القيام بدفتر في نفس المكان الذي وجد فيه جثمانه عند حافة الوادي ، و جدير بالذكر أن قبره موجوداً في هذا المكان حتى يومنا هذا .
و يذكر الكثيرين من الشاهدين على كرامات هذا الإمام أن الوادي في أثناء جريانه ، و إن اقترب من قبره افترق ليظل القبر مثلما هو دون أن يمسه الوادي بأي ضرر ، و منذ وفاته ، و ما زالت سيرته خالدة على مر التاريخ العماني بل ، و شاهدة أيضاً على عدله الشديد ، و خوفه من ربه لدرجة أنه مات ، و هو ينقذ مساجينه من الغرق .