فضل الخوف والخشية من الله
فضل الخوف من الله، قال
ابن الجوزي
رحمه الله : “من علم عظمة الإله زاد وجله، ومن خاف نقم ربه حسن عمله، فالخوف يستخرج داء البطالة ويشفيه وهو نعم المؤدب للمؤمن ويكفيه”، وهو يبين لنا نحن المسلمين فضل وفضيلة الخوف من الله فنحن لا نبلغ الآمان إلا من خلال الخوف منه كما قال الله تعالى : {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
حديث فضل الخوف من الله :
عن منصور عن ربعي عن حذيفة عن النبي صل الله عليه وسلم قال : « كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله فقال لأهله : إذا أنا مت فخذوني فذروني في البحر في يوم صائف ففعلوا، فجمعه الله ثم قال : ما حملك على الذي صنعت ؟ قال : ما حملني عليه إلا مخافتك فغفر له » [حديث صحيح، أخرجه النسائي].
قال الإمام البخاري رحمه الله :
عن أبي سعيد عن النبي صل الله عليه وسلم قال : « أنه ذكر رجلًا فيمن سلف أو فيمن كان قبلكم قال كلمة يعني أعطاه الله مالًا وولدًا فلما حضرت الوفاة قال لبنيه : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب، قال : فإنه لم يبتر أو لم يبتز عند الله خيرًا، وإن يقدر الله عليه يعذبه فانظروا إذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحمًا فاسحقوني أو قال فاسحكوني، فإذا كان يوم ريحٍ عاصفٍ فأذروني فيها » فقال نبي الله صل الله عليه وسلم : « فأخذ مواثيقهم على ذلك وربي ففعلوا ثم أذروه في يومٍ عاصف، فقال الله عز وجل : كن، فإذا هو رجل قائم، قال الله : أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت ؟ قال : مخافتك، أو فرق منك، قال : فما تلافاه أن رحمه عنده » [حديث صحيح، أخرجه مسلم].
فضل الخوف من الله :
ينبهنا الحديث إلى أمر عقائدي غير قابل للنقاش أو الجدل وهو الخوف من الله، والخوف هنا بمعنى الرجاء، أي أن الإنسان دائمًا وأبدًا يرجوا أن يكون في مأمن من غضب الله وذلك باتباع أوامره والبعد عن نواهيه، والخوف هنا يأتي عن الحب وليس عن البغض والعياذ بالله، فالحبيب يخاف من غضب حبيبه ويرجوا رفقته والقرب منه، وهذا هو حال المحب يخاف الله ويرجوا قربه بدخول
الجنة
.
كيف نخاف الله ؟ وماذا نفعل حتى نبلغ هذه المنزلة ؟
إن الخوف من الله من الله عبادة من العبادات التي لها أصول وقواعد تبني عليها حتى تصل إلى هذه المنزلة الرفيعة وإليك هذه العشرة المعينة على تحقق المراد وهو الخوف من رب العباد :
1.
قراءة القرآن الكريم
مع تدبر معانيه: قال الله تعالى {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[الإسراء:107 – 109].
2. استشعار عظم
الذنب
: قال رسول الله صل الله عليه وسلم : « إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا ».
3.
تقوى الله
: وذلك عن طريق التقرب إلى الله بفعل الطاعات وتجنب المعاصي.
4. معرفة الله بأسمائه وصفاته : يقول ابن القيم رحمه الله “كلما كان العبد بالله أعلم، كان له أخوف”.
5. معرفة فضل الخائفين : قال تعالى في وصف المؤمنون {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2].
6. تدبر آيات العذاب والوعيد : خاصة فيما جاء عن وصف النار والترهيب منها.
7. تدبر أحوال الظالمين : قال الله تعالى : {{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}[مريم:98]
8. أن تعلم قدر نفسك : أنك مهما بلغت من الشأن ضعيف مهين ولو شاء الله لعاجلك بالعقوبة.
9. سماع المواعظ والقصص المؤثرة: قال العرباض بن سارية رضي الله عنه : (وعظنا رسول الله صل الله عليه وسلم موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب)
10. كثرة
ذكر الله
: والتي تبعث على الخوف من الله واستحضار عظمته وجلاله والخوف من عذابه.