الفرق بين الموت والوفاة من القرآن الكريم
اختلط على كثير من الناس الفرق بين معنى الموت ومعنى الوفاة وصار إطلاق كل من اللفظين على كل من قضي آجله، وانقطع عمله وهو غير صحيح لغويًا، فقد ذكر الله تعالى الموت والوفاة كل منهما بمعنى يختلف عن الآخر من خلال آياته الكريمة فعلى سبيل المثال قوله تعالى : {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} {الزمر: 42}
هل يوجد فرق في التعريف بالموت والوفاة ؟
قال الله تعالى “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الزمر: 42]، جاءت الآية لتوضح لنا أن هناك معنى لكلمة الموت ومعنى لكلمة الوفاة وهو ما يعني أن هناك اختلاف بين المعنيين وليس كما هو شائع في اللغة العامية أن اللفظين لمعنى واحد وهو انقضاء الأجل، فالوفاة : هي انقضاء الآجل، وقبض الروح كاملة غير منقوصة، وفي المثال “وفى ماله” أي قبضه كاملًا غير منقوص، أما الموت : هو مفارقة الحياة وليس فيها معنى القبض، ويستعمل لفظ الموت بمعنى السكون يقال ماتت الرياح أي سكنت وهمدت
ويطلق لفظ الموت على جميع الكائنات الحية وكل من تجري فيه الروح من النبات والحيوان والإنسان، بينما الوفاة لا تطلق إلا على المكلفين من البشر ولا يمكن إطلاقها على نبات أو حيوان لانهما غير مكلفين، ومن هنا جاء الاختلاف بين المعنيين ليوضح بلاغة القرآن الكريم وجمال ووضوح اللغة العربية فكثيرًا ما كنا نستخدم اللفظين لمعنى واحد وهو انقضاء الأجل.
أقوال العلماء في تعريف الموت :
تعددت أراء العلماء حول تعريف
الموت
إلا أنهم اجتمعوا على أنه حالة فريدة تخرج فيها الروح من الجسد، وقد تعود أولا تعود حسب مشيئة الله وانقضاء الآجل، ويقول الشيخ بن عربي في تعريفه للموت : أن الموت هو مفارقة الروح للجسد الذي كانت به حياته الحسية وهو طارئ عليهما بعدما كانا موصوفين بالاجتماع الذي هو علة الحياة. وقد قال
الشيخ الغزالي
في تعريفه للموت : هو طور آخر من الأطوار، ونوع آخر من الترقي، وضرب آخر من الولادة والانتقال من عالم إلى عالم. ويقول الشيخ أحمد بن علوان أن العلماء عرفوا الموت على أنه : ليس بعدم محض ولا فناء صرف وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقة وحيلولة بينهما وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار.
أمثلة من القرآن تؤكد على التفرقة بين المعنيين :
قال الله تعالى : {َأوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {البقرة : 259}، فقد ذكر الله في الآية أن العزيز “مات” لذلك فإن عودته للحياة تكون ممكنة بمشيئة الله تعالى ولم يقل “توفى” وهو ما يستحيل معه العودة إلى الحياة مما يوضح الاختلاف بين المعنيين.