قصة مقولة فاتتني الصحبة يا أبا بكر
المثنى بن حارثة الشيباني من التابعين، عرض عليه رسول الله صل الله عليه وسلم الإسلام إلا أنه لم يسلم على الرغم من تصديقه لما جاء به الرسول وحينما أراد الدخول إلى الإسلام جاء إلى المدينة في مجموعة من بني شيبان لإعلان إسلامهم، وعندما وصل إلى المدينة علم ان رسول الله قد توفى فقال
لأبي بكر الصديق
“فاتتني الصحبة يا أبا بكر”، معبرًا بها عن ندمه على ما فاته من شرف صحبة رسول الله.
من هو المثنى بن حارثة الشيباني ؟
هو المثنى بن حارثة بن سلمة بن شيبان، سيد من أشراف قبيلته يتميز برجاحة العقل والشجاعة، كما تميز بجراءته وإدارته السليمة في الحروب بجانب كونه فارس شجاع لا يهاب الموت، ويروى انه قبل إسلامه أغار على قبيلة تغلب، وهم عند الفرات فاستطاع بجراءته المعهودة وتخطيطه الجيد للمعارك التغلب عليهم وألحق بهم الهزيمة فقتل منهم من قتل، وغرق منهم من غرق واستولى المثنى على أموالهم، وقسمها غنيمة بين أصحابه.
المقابلة مع رسول الله:
عرض
رسول الله
صل الله عليه وسلم الإسلام على بني شيبان ومن بينهم المثنى بن حارثة، فتلى عليهم رسول الله “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ” [الأنعام: 151]، وما أن انتهى حتى التفت إلى أبا بكر وقال: “بأَبي أَنت! ما وراء هؤلاء عون من قومهم، هَؤُلاءِ غرر الناس “، فانتبه مفروق بن عمرو ووجه كلماته إلى النبي فقد كان يتمتع بالحكمة والعقل فقال : والله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه، وأيده المثنى في كلامه فتلى عليهم رسول الله “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى” [النحل: 90]، فقال مفروق متعجبًا : “دعوت والله يا قرشي إلى مكارم الأخلاق وإلى محاسن الأفعال، وقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك”، وقد أثني أيضًا المثني على كلام رسول الله واستحسنه قائلًا : قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك وأعجبني ما تكلمت به ولكن علينا عهد من كسرى لا نحدث حدثًا ولا نؤوي محدثًا ولعل هذا الذي تدعونا غليه مما يكرهه الملوك فإن أردت ان ننصرك ونمنعك مما يلي بلاد العرب فعلنا. فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : “ما أسأتم إذ أفصحتم بالصدق، إنه لا يقوم بدين الله إلا من أحاطه بجميع جوانبه”.
فاتتني الصحبة يا أبا بكر :
ترك رسول الله صل الله عليه وسلم بني شيبان بعد أن رفضوا إعلان إسلامهم على الرغم من إعجابهم الشديد به وإيمانهم الكامل بأن هذا الذي جاء به محمد ليس بكلام البشر العاديين، إلا أن الله لم يكن أراد الهداية لهم حينها،
بعد هذه الحادثة بفترة قرر المثنى بن حارثة الدخول في الإسلام وجاء مع وفد من قومه يعلنون إسلامهم وينطقون الشهادة بين يدي رسول الله وعندما وصل المدينة علم أن الروح فاضت على بارئها وأن رسول الله صل الله عليه وسلم قد توفى أيقن المثنى حينها أنه قد تأخر في إعلان إسلامه وفاتته هذه الفرصة العظيمة الإسلام بين يدي حبيب الله ورسوله فندم ندمًا شديدًا على ما فاته من شرف صحبة رسول الله وقال هذه المقولة إلى أبو بكر الصديق “فاتتني الصحبة يا أبا بكر”، توفى في عام 14 من الهجرة في ولاية
عمر بن الخطاب
على أثر جرح في إحدى معاركه مع الفرس قبل
معركة القادسية
.