السيرة الذاتية لابن شهاب الزهري
إن العلوم الدينية والشرعية التي وصلت لنا مكتوبة وجاهزة في الكتب، لم تكن كذلك قديما، وإنما اجتهد الكثير من علماء المسلمين لجمع التاريخ الإسلامي بكل شفافية، خصوصا الأحاديث النبوية التي أخذت منهم مجهودا كبيرا في التأكد من صحتها وصدقها، ويعتبر العالم الإسلامي ابن شهاب الزهري أشهر من دون التاريخ الإسلامي، سواء في جمعه للأحاديث النبوية، أو سرده لحياة
الخلفاء الراشدين
، والخلفاء الأمويين، وتاريخ الغزوات، والأهم من ذلك
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
.
اسمه ونسبه
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الزهري، الملقب بأبو بكر المدني و ابن شهاب الزهري، يرجع نسبه إلى بني زهرة بن كلاب، ويعتبر من التابعين من أهل المدينة، عاصر عدد من الأئمة والتابعين، وقام بتدوين الحديث النبوي الشريف، وألف العديد من الكتب ذات الأحاديث المسندة، وهذا ليس غريبا عليه، فوالده مسلم كان أشهر الرواة
للأحاديث النبوية
الشريفة، ووالدته هي عائشة بنت عبد الله الأكبر بن شهاب .
مولده
اختلف المؤرخين على تحديد سنة ميلاد ابن شهاب الزهري، فمنهم من قال أنه ولد عام 50 هجريا، ومنهم من قال 51 هجريا، وبعضهم قال 52، بينما ذهب آخرون إلى أنه ولد 58 هجريا في آخر خلافة
الخليفة الأموي
معاوية بن أبي سفيان، أي في السنة التي توفت فيها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد ولد في المدينة المنورة، واشتهر فيها بأنه كان دائما ما يسير بالأوراق والصحف معه، وذلك لكي يدون كل ما يسمع من أحاديث .
حياته ونشأته
كان ابن شهاب الزهري فقيرا، لكنه كان ذكيا، أقبل على طلب العلم، ورافق بعض الصحابة والتابعين أمثال مالك بن أنس، وسهل بن سعد الساعدي، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وغيرهم الكثير، نشأ ابن شهاب في المدينة، وانتقل بعد ذلك إلى الشام وعاش هناك، ثم التقى هناك بالخليفة
عبد الملك بن مروان
، الذي شجعه على علمه، وأعجب بذكائه، وخصص له راتب من مال الدولة، وقد ظل ابن شهاب الزهري معاصرا وملازما لباقي الخلفاء الأمويين بعد وفاة عبد الملك بن مروان، مثل الخليفة الوليد بن عبد الملك، و
عمر بن عبد العزيز
.
وتولى ابن شهاب الزهري عدة مناصب في عهد الخلفاء الأمويين، حيث كان في منصب القاضي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي قال عنه : ” عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه “، كما كان المعلم الخاص لأولاد الخليفة هشام بن عبد الملك، وقد مدحه الكثير من العلماء بسبب علمه وإنجازاته، فقال عنه أنس بن مالك : ” ما أدركت فقيها محدثا غير واحد، فقيل له : من هو ؟ قال : ابن شهاب الزهري “، كما قال عنه
الشافعي
: ” لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة ” .
صفات ابن شهاب الزهري وإنجازاته
1- كان ابن شهاب الزهري أحمر الرأس واللحية، وكان يتميز بالذكاء الشديد، وسرعة الحفظ .
2- كان من أفضل وأصدق من قاموا بتأريخ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم سواء قبل أو بعد البعثة .
3- كان يدون الأحاديث والمعلومات الموثوقة فقط، والذي أخذها من كبار الرواة الموثوقين .
4- يرجع المؤرخين كل الفضل له في تدوين كافة الغزوات بطريقة مرتبة حسب تاريخ حدوثها .
5- قام بتدوين الأحداث الهامة التي حدثت في عهد الخلفاء الراشدين، والتي من أهمها مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحادثة تنازل الحسن بن
علي بن أبي طالب
رضي الله عنهما عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، حتى يحقن الدماء .
شيوخ ابن شهاب الزهري
حدث ابن شهاب الزهري عن عدد كبير جدا من الشيوخ منهم : أبان بن عثمان بن عفان، إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنس بن مالك، إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، ثابت بن قيس الزرقي، حمزة بن عبد الله بن
عمر بن الخطاب
، حميد بن عبد الرحمن بن عوف، خارجة بن زيد بن ثابت، سالم بن عبد الله بن عمر، سعيد بن المسيب، سليمان بن أرقم، عمر بن عبد العزيز، علي بن عبدالله بن عباس، علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عمرو بن عبد الرحمن بن أمية، وغيرهم .
تلاميذ ابن شهاب الزهري
تتلمذ على يد بن شهاب الزهري عدد كبير من العلماء أمثال : أبان بن صالح، إبراهيم بن سعد الزهري، إبراهيم بن أبي عبلة، بكر بن وائل، عبد الرحمن بن نمر، عبد الوهاب بن أبي بكر، عتبة بن أبي حكيم، عراك بن مالك، عمارة بن أبي فروة، عكرمة بن خالد المخزومي، جعفر بن ربيعة، العلاء بن الحارث، الليث بن سعد، موسى بن عقبة، هشام بن عروة، وغيرهم الكثير .
وفاة ابن شهاب الزهري
أغلب الأقوال تدل على أن وفاة ابن شهاب الزهري كانت في السابع عشر من رمضان، عام 124 من الهجرة .