القصة الحقيقية للملكة خوانا
هي الملكة خوانا الأولى صاحبة لقب خوانا المجنونة نظراً لحبها الشديد لزوجها الذي وصل إلى حد الهوس به (1479 م – 1555 م)، كانت شخصية متمردة رافضة للأوضاع السياسية المحيطة بها، أبدت انزعاجها الشديد من محاكم التفتيش التي أنشاها والديها مما تسبب في تلقيها العقاب منهم، أطلق عليها لقب مجنونة والكثير من الإشاعات بعد وفاة زوجها من أجل اعتلاء عرش قشتالة، تعرضت للسجن والظلم من قبل أبيها وابنها من أجل أطماعهم السياسية، استحقت لقب خوانا الضحية وليست المجنونة.
الملكة خوانا الأولى ملكة قشتالة :
ولدت خوانا تراستامارا في عام 1479 م في طليطلة، وهي ابنة
الملك فرناندوا الثاني
والملكة إيزابيلا الأولى ملك وملكة قشتالة، حرصا أبويها على إتمام زواج أخوها وأختيها في سياق مصلحة العائلة من شخصيات مرموقة بالدولة وكذلك تم اختيار الزوج المناسب لخوانا والذي يدعم مصالح العائلة على المستوى السياسي والاجتماعي.
زواج خوانا من فيليب الوسيم :
تزوجت خوانا من فيليب هابسبورغ ابن الإمبراطور ماكسيمليان الأول وهي في السادسة عشر من عمرها وكان فيليب يتمتع بوسامة عالية مما جعل الجميع يطلقون عليه فيليب الوسيم، تم الاحتفال بالزفاف في وسط أجواء صاخبة تليق بابن الإمبراطور وذلك في عام 1496م، انتقلت خوانا وفيليب إلى
بروكسل
وأنجبا ابنتهما إليونورا، إلا أن الأحداث السعيدة لم تدم طويلاً وسرعان ما توفى شقيقها وتبعته شقيقتها ملكة البرتغال في العام التالي لوفاته عام 1500 م وفي نفس العام توفى ولي عهدها ميغل مما أكد على ان خوانا هي الوريث الشرعي لعرش قشتالة.
عرش وخيانة وجنون :
أصبحت حياة خوانا مضطربة وتعيسة نظراً لخيانات فيليب المتكررة، رغم إظهارها لحبها الشديد له وتوفير الرعاية والود، إلا أنه لم يغير من الأمر شيء مما جعل مشاعر الحقد والغيرة تنمو بداخلها، وقد كان فرناندوا أبوها يسعى لإلصاق هذا الوصف بابنته حتى يستطيع الحصول على العرش وهو ما توفر له بموت إيزابيلا ملكة قشتالة، فقد أصبح فرناندوا وصياً على العرش إلا أن فيليب زوج ابنته لم يروق له الأمر ووصل الصراع بين الطرفين حتى توصلا إلى اتفاق وهو تنازل فرناندو عن
قشتالة
لفيليب، على أن يوقع فيليب معاهدة تفيد بأن خوانا مختلة عقلياً ومجنونة مما يعني استبعادها من الحكم.
تراجع فيليب عن موقفه :
تراجع فيليب عن قراره على الفور واتهم فرناندوا باحتجاز خوانا، وأن لها كامل الأحقية بعرش قشتالة، إلا أن وفاة فيليب الفجائية في عام 1506 م كانت الفاجعة الكبرى لديها، وحزنت حزن شديد جداً عليه إلا أن والدها استمر في الترويج لفكرة جنونها ويسرد القصص حول تصرفاتها الغريبة التي لم يكن عليها دليل.
تم احتجاز خوانا بأمر من والدها بعد وفاة فيليب حتى عام 1520 م أي أربعة عشر عاماً من السجن في قلعة توردسيلاس معزولة عن العالم، وبالرغم من وفاة فرناندو في عام 1516 م إلا أنها ظلت محبوسة ولم يتغير الأمر حتى بعد اعتلاء ابنها كارلوس لعرش إسبانيا.
انتهج ابنها كارلوس الذي أصبح (الإمبراطور شارل الخامس لاحقاً) نفس سياسة أبيها فرناندوا وأبقى على حجزها في هذه القلعة البائسة بعيداً عن أي مظاهر للحياة وظلت تنتقل من سجن لآخر طوال حياتها تعاني من القساوة وأحياناً التعذيب على يد سجانها حتى توفت في عام 1555 م.
الحقيقة الغائبة :
لم تكن خوانا مجنونة كما وصفها أبيها وزوجها ومن بعدهم ابنها بل مجرد ضحية لأطماعهم السياسية التي حملت لخوانا المزيد من الألم والسجن والتعذيب، ضحو بسمعتها من أجل العرش والحصول على السلطة اطلقوا عليها الإشاعات التي جعلت الجميع يطلقون عليها مجنونة ولكنها في الحقيقة كانت خوانا الضحية وليست المجنونة.