مفهوم التطير و حكمه في القرآن و السنة
التطير من أهم الأمور المنهي عنها في القرآن الكريم و
السنة النبوية
الشريفة ، حتى أن بعض المذاهب ذهبت إلى أن التطير أمر يخرج بالإنسان لما هو خارج حدود الدين ، و ذلك لما ذكر في الكثير من المواضع في الآيات الكريمة ، و الأحاديث النبوية الصحيحة.
ما هو معنى مصطلح التطير
– التطير هو اتباع أمر ما لمعرفة ما إذا كان هذا الأمر يمكن التفاؤل به و عمله ، أو أن هذا الأمر شؤما و يجب تجنبه ، و قد تم استخدام مفهوم التطير في الجاهلية ، نظرا لأن أحدهم حين كان يقصد القيام بأمر ما كان يتجه لعش طائر ، و يحاول استثارة الطائر فإن اتجه يمينا فيقوم الشخص بالذهاب أو القيام بالأمر ، و إن اتجه يسارا فرجع الشخص عن ما يود فعله و تشائم به .
– و الفرق بين مصطلح التطير و الطيرة ، هو أن التطير هو أن يقوم الشخص بفعل شئ ما بغرض
التفاؤل
أو التشاؤم ، أما عن الطيرة فهي الفعل الذي يترتب على ذلك .
ذكر كلمة التطير في القرآن الكريم
ذكرت هذه الكلمة في أكثر من موضع ، فقد ذكرت عندما تحدث الله عن أعداء الرسل حينما قالوا لرسلهم هذه المقولة في قوله تعالى ( إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) (يس:19) كذلك تحدث الله عن قوم فرعون حينما ذكرت هذا اللفظ عنهم عند حديثهم عن سيدنا موسى ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ ) (الأعراف:131) .
الفرق بين لفظ التطير و الفأل
كما تحدثنا مسبقا عن أن التطير منهي عنه تماما في كافة المواضع في السنة و القرآن ، أما الفأل فيقصد به البشارة و قيل في مواضع أخرى أنه الكلمة الطيبة ، فمثلا حين ينبأ أحد شخص آخر بشئ بغرض أنه يجعله يستبشر أو يتفاءل ، فيبدأ الشخص الذي قيلت له البشارة بالتعامل أو التصرف على هذا النحو فهو أمر عادي ، لا كراهة فيه و قيل عنه أنه شئ من التوكل على الله و انتظار مشيئته .
أما عن التطير فمفهومة بالمعنى البسيط هو التشاؤم أو سوء الظن بالله و قد قال تعالى ( أنا عند حسن ظن عبدي بي ) و هذا القول يوضح كراهة التشاؤم و سوء الظن بالله .
فيما وضح النووي رحمه الله أن العلماء اتفقوا على محبة الفأل و ذلك لأنه أمل من الله و رجاء في فضله بالتكرم على الإنسان و تيسيره لما يحب ، في حين أن الطيرة هي توقع البلاء و على المبتلي ، أن ينتظر الخير و يتفاءل و يستبشر راجيا من الله أن يزيح عنه البلاء مهما ضاقت عليه الدنيا .
حكم التطير في الإسلام
التطير أحد أبواب الشرك بالله
و ذلك بالرجوع لقول ر
سول الله صلى الله عليه وسلم
( الطيرة شرك ) و هنا إشارة واضحة على أن التطير باب من أبواب الشرك ، و هناك العديد من المواضع التي وضحت هذا النحو ، و ذلك لأن جميع المذاهب اتفقت على أن اعتقاد الفرد بأن شئ ما قد يجلب له نفعا أو ضررا هو شرك بالله ، و على الفرد أن يخلص في توكله على الله .
الطيرة أحد ضروب السحر
و ذلك اعتمادا على قول نبينا الكريم
الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ و قد تم تفسير الحديث على هذا النحو ، العيافة المقصود منها زجر الطير أو إثارته ، و الطيرة هنا المقصود منها التشاؤم بكافة أشكاله و أنواعه سواء أكانت باتجاه طيره أو بصوته أو ما إلى ذلك ، أما عن لفظ الجبت فالمقصود بها السحر أو التكهن أو ما يشابه .
أما عن التباين بين البشر في التطير ، فيكون على هذا النحو :
1. أحدهم يهم بفعل شئ بغرض أن يعرف ما يفعل يدعوا للتشاؤم أم لا، فإن وقع ما يدعوه للتشاؤم انتهى عن هذا الشئ تماما ، و هذا وقع في الإثم .
2. الأخر يمضي على ما هو قائم به ولكن في داخله قلق من هذا و ريبة و قد يكون آثم و لكنه أقل من الحالة الأولى .
3. الثالث يتوكل على الله ولا يتطير ولا يلتفت لهذا الأمر من الأساس و هو أعلى منزلة عند الله .