سبب تسمية ” حارة المظلوم ” في جدة بهذا الاسم
حارة المظلوم هي من إحدى حارات
مدينة جدة
الأربعة التاريخية ، و التي تقع داخل سورها القديم ، و أتت تسمية الحارة بهذا الاسم نسبةً إلى روايتان يقال أن أحداثهما قد وقعتا بتلك الحارة ، و بدأت أحداث القصة أو الرواية الأولى في القرن الثالث عشر للهجرة حيث وصلت أنباء ، و معلومات تفيد أن أسطول برتغالي متوجه إلى مدينة جدة من أجل السيطرة عليها .
و ذلك راجعاً إلى موقع المدينة الحيوي ، و الذي يعد من أحد الموانئ الرئيسية على البحر الأحمر بالعلاوة إلى كونها الميناء الرئيسي ، و الواقع في طريق مرتادي
مكة المكرمة
سواء للزيارة أو لأداء مناسك الحج أو العمرة .
بداية أحداث الرواية الأولى :
بناءا على تلك المعلومات تحركت
الدولة العثمانية
وقتها لتأمر سكان مدينة جدة بضرورة بناء سور يوفر بالمدينة الحماية من عملية الغزو هذه ، و بالفعل أمر مبعوثو الدولة العثمانية جميع سكان المدينة ببناء السور بل أكدت على أن يشارك جميع السكان بلا استثناء في عملية بناء السور الغني ، و الفقير الشباب ، و كبير السن .
و كان العمل في السور يستمر منذ شروق الشمس حتى مغيبها ، و ظل العمل في بنائه مستمر لعدة أيام متتالية إذ كان مبعوثو الدولة العثمانية يقومون بقرع جميع الأبواب من أجل إيقاظ رجالها ، و من ثم يتم اقتيادهم كرهاً إلى مواقع البناء ، و في ظل تلك الأحداث حدث أن مواطن بالبلدة غلبه النوم أثناء العمل في بناء السور مما أثار غضب مبعوثو الدولة الأمر الذي جعلهم يقدمون على قتله بل ، و أمروا بقية الرجال العاملين باستكمال عمليات البناء فوق جثة القتيل .
و جدير بالذكر أن عملية بناء سور بتلك الضخامة ، قد تمت في وقت زمني قياسي قدر بحوالي 18 شهر فقط في ظل الإمكانيات البسيطة المتاحة وقتها علاوة على المساحة الكبيرة لمدينة جدة إلا أن تلك الحادثة لم تكن هي الحادثة المأسوية الوحيدة التي وقعت أثناء بناء السور فمن لم يقتله المبعوثون قتله عامل أخر ، و هو الإنهاك ، و التعب من شدة العمل المتواصل .
في ظل ظروف مناخية شديدة القسوة من ناحية حرارة الجو الشديدة مما جعل شخص يسمى عبد الرحمن البرزنجي في عدد من الرويات الأخرى التي تناولت تلك القصة أن شخصاً يسمى عبد الكريم قام بالاعتراض على هذه الطريقة الهمجية ، و الظالمة للدولة العثمانية في معاملة أهالي المدينة بل ، و قام التأثر بتجييش مشاعر الأهالي ، و حثهم على الاعتراض ، و التوقف عن تنفيذ هذه الأوامر الظالمة للدولة مما جعله في نهاية المطاف مطلوب من جانب الدولة لاعتراضه ، و ثورته على قراراتها .
و بعد مرور بضعة أيام أستطاع مبعوثو الدولة إلقاء القبض على الثائر الحجازي ، و الذي قيل أن عائلة تسمى باناجة كانت تخفيه ، و تؤويه ، و تم توقيع العقاب عليه ، و الذي كان سحله بعربة تجرها الخيول على طول الشارع ، و الذي يقع به
مسجد الشافعي
، و الذي يعد بمثابة المسجد الرئيسي في جدة البلد كما يطلق على المكان الكثيرين .
و تم صلبه بالقرب من باب المسجد لعدة أيام حيث قد ذكرت أغلب الروايات التاريخية التي تحكي عن الحادثة أنه قد تم تركه مصلوباً لمدة 3 أيام كاملة إلا أن بعض الروايات التاريخية الأخرى قد ذكرت أنه بقى مصلوباً في هذا المكان حتى بدأ الدود يأكل بعض أجزاء من جسده .
و من هنا كانت الأسطورة القائلة إن دمائه شكلت على الأرض الحجرية ما يشبه إلى حد كبير كلمة مظلوم أو أنها قد تكون كلمة تشكلت في صدور أهالي البلدة ، و كانت بذلك الأسطورة التي اعتمد عليها الروائي د/
محمد صادق دياب
في روايته المسماة (مقام حجاز) لبناء القصة .
الرواية الثانية لسبب التسمية :-
كان (صادق) قد ذكر في كتابه التاريخي عن مدينة جدة قصة أخرى ، و هي الرواية الثانية لسبب تسمية حارة المظلوم بهذا الاسم ، و تحكي الرواية أنه في خلال عام 1134 هـــ وقعت فتنة ما بين أغوات المدينة ، و رجال حاميتها من العسكر حين أراد رجل من توابع
الأغوات
الانخراط في سلك الجندية فغضب لأجل ذلك الأغوات ، و اللذين كانوا من أصحاب الجاه ، و المكانة الاجتماعية الكبيرة في المدينة.
بل ، و أغلظ بعضاً منهم القول لرجال الحامية فثارت الفتنة بل ، و تم ملاحقتهم في داخل مسجد الشافعي ، و على الرغم من هذا تم قتلهم في داخل المسجد مما نتج عنه تعطل الصلاة بالمسجد ، و ذلك على حسب ما ترويه الرواية ، و بناءا على تلك الأحداث المأساوية أتصل بعض ممن بقى منهم على قيد الحياة بالسلطان العثماني .
و قاموا بإقناع القيادات بأن المسئول عما حدث هو أحد أعيان المدينة فصدر الأمر بإعدامه إلا أنه تمكن من الفرار إلى جدة لبعض الوقت ، و الذي لم يدم طويلاً حيث قبض عليه هناك ، و نفذ فيه حكم الإعدام شنقاً ثم ترك جسده مسجياً في الشارع حتى توسط بعض الأهالي ، و دفنوه في الحارة ، و التي سميت منذ ذلك الوقت بحارة المظلوم نسبةً إلى قصة ذلك الرجل .