بحث عن صلاة الاستسقاء

الصلاة هي الركن الثاني من

أركان الإسلام

الخمسة، والصلاة لغة بمعنى الدعاء، فرض الله تعالى على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة ، ولكن سبحانه وتعالى أمرنا بالصلاة في أوضاع كثيرة ، في الخوف وحدوث خسوف و

كسوف الشمس

، والاستسقاء لطلب الماء.


أولًا مفهوم الاستسقاء:


الاستقساء هو طلب السقيا، وهو استفعال من أسقيت ، قال ابن منظور في لسان العرب، “ذكر

الاستسقاء

في الحديث وهو استفعال من طلب السقيا، أي إنزال الغيث على البلاد، والعباد ، ويقال استسقى ، بمعنى سقى الله عباده الغيث أي المطر، وأسقاهم والاسم هو السقيا بالضم ، واستسقيت فلانا إذا طلب منه أن يسقيك”.



تعريف الاستسقاء عند الفقهاء:


عرفها الفقهاء ، يعنون استسقاء الله ولا استسقاء المخلوق ، فقال الجرجاني : أن الاستسقاء هو طلب المطر عند طول انقطاعه أي من الله عزوجل.


ثانيًا حكم صلاة الاستسقاء:


الاستسقاء من السنن المؤكدة ، إذا أجدبت الأرض وقحط المطر، فقال الإمام ابن قدامه رحم الله ، ” صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة ثابتة ، بسنة

رسول الله صلّ الله عليه وسلم

، وخلفائه رضي الله عنهم ” ، و قال الإمام ابن عبد البر ” وأجمع العلماء على أن الخروج إلى الاستسقاء والبروز والاجتماع إلى الله عزوجل خارج المصر، بالدعاء والضراعة إلى الله تبارك اسمه في نزول الغيث عند احتباس الماء، وتمادي القحط ، سنة مسنونة سنها رسول الله صلّ الله عليه وسلم، لا خلاف بين علماء المسلمين على ذلك.


ما هو أسباب القحط وحبس المطر:


قال

عبد الله بن عمر

رضي الله عنهما ، أقبل علينا رسول الله صلّ الله عليه وسلم وقال ” يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع ، التي لم تكن مضت على أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالستين، وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا.

ولم ينقضوا عهد الله ، وعهد الرسول إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم ، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ، يوضح الحديث الشريف أن من أسباب الجدب وشدة المؤونة وجور السلاطين هو نقص المكيال والميزان، وأن نقص الزكاة من الأسباب المؤدية لمنع قطر السماء.

أخرج الإمام

البخاري

بسنده عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” باب انتقام الرب عزوجل من خلقه بالقحط ، إذا انتهكت محارمه ، و يبين الله تعالى في كتابه العزيز أن الابتعاد عن المعاصي والقيام بالأعمال الصالحة من أعظم أسباب إنزال البركات فقد قال الله تعالى في سورة الأعراف  { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ الْقَوْمُ الـْخَاسِرُونَ }.


ثالثًا أنواع الاستسقاء:


والاستسقاء أنواع على النحو الآتي:

النوع الأول: وهو الاستسقاء بصلاة جماعة أو فرادى ، واتفق فقهاء الأمصار على هذا النوع.

النوع الثاني: استسقاء الإمام يوم الجمعة في خطبيتها ، كما فعل الرسول صلّ الله عليه وسلم ، واستفاض عنه من غير وجه ، وهو من الأنواع المستحبة اتفاقًا.

النوع الثالث : الدعاء عقب الصلوات وفي الخلوات ، ولا نزاع في ذلك ، لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة ، يقول الإمام ابن القيم  ، أن الرسول صلّ الله عليه وسلم استسقى على عدة وجوه:

الوجه الأول: يوم الجمعة على المنبر.

الوجه الثاني: أنه صلّ الله عليه وسلم ، وعد الناس يومًا للخروج إلى المصلى، فخرج إلى المصلى ، فاستسقى واستقل القبلة ، وحول رداءه ، وصلى ركعتين.

الوجه الثالث: أنه استسقى على منبر المدينة ، استسقاء في يوم غير الجمعة ، ولم يصلي في هذا اليوم.

الوجه الرابع: أنه استسقى وهو جالس في المسجد فرفع يديه ودعا ” اللهم اسقينا غيثا مريئا ، مريعا ، طبقا ، عاجلا غير رائث ، نافعًا غير ضار.

الوجه الخامس: أنه استسقى على أحجار الزيت قريب من الزوراء، وهي خارج باب المسجد ويسمى اليوم ” باب السلام” .

الوجه السادس: أنه استسقى في غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء .


رابعًا آداب الاستسقاء:


– في حال  أصاب الناس القحط لابد من اللجوء  الله عزوجل من أجل   صلاة الاستسقاء؛ ورد ذلك في حديث أم  المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ” شكا الناس إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ،  قحوط المطر، فأمر بمنبر فَوُضِعَ له في المصلى ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلّ الله عليه وسلم  حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر، فكبَّر ، وحمد الله.

ثم قال صلّ الله عليه وسلم : ” إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار

المطر

عن إبَّان ، زمانه عنكم، وقد أمركم الله ،  أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم”  ثم قال صلّ الله عليه وسلم : ” الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغًا إلى حين” ، ثم رفع يديه الشريفة حتى بدا بياض إيطيه ، ثم أقبل إلى الناس ونزل وصلى ركعتين ، فأنشا الله تعالى ، سحابة فرعدت وبرقت ، ثم أمطرت بإذن الله وحده.

– من آداب الاستسقاء أيضًا ، موعظة الناس وأمرهم بتقوى الله عزوجل، والخروج من المظالم والتوبة من المعاصي، والصدقة والصيام وترك التشاحن، لأن المعاصي سبب القحط ، لقول الله تعالى :{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } سورة الأعلى الآية 23.

– أن يعد الإمام الناس يومًا للخروج، لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ” شكا الناس إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فَوُضعَ له في المصلى ووعد الناس يومًا يخرجوا فيه.

– وقت خروج الناس لاستسقاء ، والأفضل أن تصلى صلاة الاستسقاء في وقت

صلاة العيد

، لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فخرج رسول الله صلّ الله عليه وسلم  حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر.

– من آداب صلاة الاستسقاء أيضًا، أن تصلى في الصحراء وهو الأفضل ، لأن النبي صلّ الله عليه وسلم صلاها في الصحراء كصلاة العيد.

– أن يخرج الإمام والناس في تواضع لله عزوجل وتبذل وتخشع، لقول ابن عباس رضي الله عنهما ، ” خرج رسول الله صلّ الله عليه وسلم  مُتبذِّلا، متواضعًا، متضرِّعًا، متخشِّعًا، مترسِّلاً،  حتى أتى المصلى، ولم يخطب كخطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرع، والتكبير، ثم صلى ركعتين كما كان يصلي في العيد “

– لا يوجد آذان ولا إقامة لصلاة الاستسقاء.

– والاستسقاء بدعاء الصالحين سنة، وعن أنس رضي الله عنه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ”  كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلّ الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا فاسقنا، قال: فيسقون” .


خامسًا كيفية صلاة الاستسقاء:


يؤكد الجمهور قول، ان صلاة الاستسقاء تصلى كما يصلى العيد ، في العدد والجهر بالقراءة ، والتكبيرات ، وجواز الخطبة في الاستسقاء بعد الصلاة ، ولكن لا يوجد وقت لصلاة الاستسقاء ، ولكنها لا تفعل وقت النهى عن الصلاة باتفاق الأئمة والمذاهب، ولا خلاف على ذلك.

سادسًا خطة الاستسقاء: سنة لحديث

السيدة عائشة

أن الرسول صعد على المنبر وفكبر وحمد الله تعالى ثم قال ” ثم قال: ” إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر إبَّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله تعالى  أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مَلِكِ يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغًا إلى حين، وقبل على الناس وصلى، لذلك يجوز الخطبة قبل الصلاة وبعدها لفعل النبي صلّ الله عليه وسلم.