أسباب سقوط بغداد على يد المغول
دوما ما كانت مدينة بغداد هي محط أنظار الجميع ، و ذلك حيث أنه العديد من الدول الأخرى تسارعت على احتلالها ، منذ فجر التاريخ و حتى يومنا هذا ، و من ضمن الإستعمارات التي توالت عليها ، هو قوات جيش المغولي ، و التي كانت بقيادة هولاكو خان ، و الذي كان هو ملك إلخانية فارس القديمة ، حيث أنه قد قام بحصار مدينة
بغداد
لمدة كبيرة ، حتى استطاع التغلب على المدينة ، و دخولها و احتلالها في اليوم العاشر من شهر فبراير عام 1258 م ، و الذي نتج عنها سقوط
الخلافة العباسية
في بغداد ، و تدمير حضارتها العريقة و موت أكثر من مليوني شخص في المدينة .
حصار المغول لمدينة بغداد
و في وقت ما كانت مدينة بغداد تحت حكم الخليفة العباسي المستعصم ، فقد قام هولاكو قائد
المغول
بتقديم طلب للخليفة و باستسلام المدينة له و عندما رفض الخليفة طلبهم ، مهددا بغضب الرب عليهم إن دخلوا بغداد ، و مع عجز الخليفة من تنظيم جيش قوي للهجوم على قوات المغول ، و بالرغم من تحذير أخو هولاكو من الهجوم على المدينة في حالة موافقة الخليفة على تسليم المدينة ، إلا أنه قد قام بتدمير الكثير من قبائل اللور المجاورة للمدينة ، و قد استسلمت الكثير من الطوائف له .
و عند بداية التقرب من مدينة بغداد فقد قام هولاكو بتقسيم الجيش ، ليكون قسم عند شرق
نهر دجلة
، و القسم الأخر من الجيش في الجهة الغربية من النهر ، و ظل يحكم هذا الحصار مدة كبيرة ، حيث أنهم قد قاموا بالعديد من المهمات التدميرية في مختلف السدود ، و الخزانات الخاصة بالمدينة ، و التي عملت على إغراق الأرض بأملها ، و موت العديد من المحاصيل ، مما أدى إلى مجاعة في المدينة ، و غرق الكثير من جنود الجيش البغدادي .
و قد قاموا ببناء الكثير من الحواجز و الخنادق و المنجنيق حول المدينة ، و لم يستغرق الوقت طويلا حيث أنهم قد بدأوا في الحصار في يوم 29 يناير ، و الذي انتهى بهزيمة المستعصم و جيش المسلمين ، و انتهاء الحصار في اليوم العاشر من فبراير ، و التي كان بداية الخراب و النهب على المدينة .
سقوط بغداد و تدميرها
و قد قامت القوات المغولية بالعديد من الأفعال الموحشة ، و تدمير حضارة بغداد العريقة و من أفظع هذه الأفعال :
– تدمير بيت الحكمة :
و الذي كان هو بمثابة مجمع لعدد كبير من الكتب التاريخية الخاصة بعلم النفس ، و الموثقة في العديد من المجالات أيضا ، و الكثير من الكتب الخاصة بعلم الطب و الفلك ، حيث أنهم قد قاموا بإحراق بيت الحكمة و أخذ جميع الكتب و رميها في النهر ، مما أدى لغلبة اللون الأسود على مياه النهر لعدة شهور ، نتيجة الحبر الموجود في ملايين الكتب التي قد دمرت .
– تدمير منشآت الحضارة العمرانية لبغداد :
و التي قد تضمنتها الكثير من المساجد و القصور و المستشفيات ، حيث أنهم قد غزو جميع هذه المناطق و سرقوا كل ما بها ، و تم تدميرها بالكامل و تشويها و قاموا بحرق العديد منها أيضا .
– قتل الخليفة المستعصم :
و قد تم القبض على الخليفة و اجبروه على رؤية مدينته وهي تسقط ، و من بعدها قاموا بقتله عن طريق دهسه بالخيول ، حيث قاموا بلفه بداخل سجاد قصره و رميه تحت أقدام
الخيول
و هي تجري حتى مات ، و قد قتلوا جميع أبنائه ما عدا واحد فقط قد تم إرساله إلى العاصمة المغولية .
– قتل المواطنين :
و قد ذكر أنه تعدى عدد المليوني قتيل في هذا الاستعمار ، حيث أنه كانت المدينة قد خُربت تماما ، مما أدى إلى قيام هولاكو بتغيير موقع تخييمه في الاتجاه المعاكس نظرا لرائحة المدينة المحروقة و التي كانت لا تحتمل .
أسباب سقوط بغداد على يد المغول عام 1258 م
– ضعف الخليفة المستعصم و ضعف الجيش الخاص به ، و عدم اتخاذ أي قرار لتأمين المدينة ضد المغول .
– ثقة الخليفة في الوزير مؤيد الدين بن العلقمي ، و دخول هذا الوزير في خلاف مع قائد الجيش الدويدار الصغير .
– استهانة الخليفة بجيش المغول ، و تهديدهم بغضب الله عليهم إن حاولوا دخول المدينة ، و عدم القيام بخطة فعلية لحماية المدينة ، وعدم القيام بتجنيد و تسليح الجيش و تدريبهم على المعارك ، و ضعف الخطة العسكرية للمدينة ضد المغول .
– تخزين الأموال لصالح الخليفة بدلا من صرفها على تدريب الجيش و تجنيده .
– ضعف العلماء و رجال الدين و الفقهاء بشكل عام ، و الذين فشلوا في تحذير الشعب و الجيش من خطر المغول الحقيقي على المدينة ، و نشرهم للأكاذيب و الأفكار السلبية و التي أدت إلى تكاسل الشعب و الجيش عن الهجوم و الدفاع عن المدينة قبل بداية الحرب .
– صغر حجم الدولة العباسية و التي كانت من أربيل و حتى
البصرة
، و التي كانت عنصر أساسي في ضعف الخلافة و عدم قدرتها على المساعدة وقت الهجوم .
– إعتماد الجيش على تجنيد المماليك فقط ، و الذين يعرفون بأنهم جنود مرتزقة لا ينتمون للمدينة ، إلى جانب عدم وجود قائد حقيقي محدد للجيش ، و تحول مجموعة من الجنود العباسية إلى جيش المغول و عملوا على مساعدة المغول في احتلال المدينة .
– عدم قيام دويدار الصغير بتجميع الجيش قبل معركة الدجيل ، و الذي جعله في الفخ المنصوب له تحديدا على يد المغول ، رغم محاولات فتح الدين بن كر الكردي من تحذيره في هذا الفخ .
– عدم كثرة الجيش العباسي و عدم صموده أمام أعداد الجيش المغولي الكبيرة ، إلى جانب عدم وجود خطة دفاعية للشعب في مدينة بغداد ، و نجاح الخطة المغولية لهولاكو في دخول المدينة .
– قيام هولاكو بتشييد حصن في شرق بغداد ليقوم بصد أي هجوم قادم من الجيش العباسي و قام بتصميم حفر و أسوار حوا المدينة و منع إرسال الاستغاثة خارج المدينة .
– طريقة تدريب الجيش المغولي تبعا لمنهج خاص بهم و الذي ينص على الانسحاب من المعركة التي غير قادرين في النجاح بها ، و ذلك للحفاظ على قوات جيشهم من الإبادة .