لمحة تاريخية عن الأوراق المالية (العملة الورقية )

احتلت عملة الأوراق المالية المرتبة الثانية على التوالي بعد العملة السلعية كأقدم عملة في التاريخ ، وكخطوة تابعة لاعتماد بعض السلع أو المعادن الثمينة كوحدات قياس ثابتة للبيع والشراء ونتيجة لازدهار عالم التجارة عمد السوق إلى إنشاء وحدة قياس أكثر تناسباً مع طبيعته الجديدة الأمر الذي دفعهم إلى اعتماد الأوراق مالية كوحدة قياس للسلع .



التعريف بعملة الأوراق المالية :



تعرف الأوراق المالية بأنها أوراق موثّقة (صكوك) قابلة للتداول يتم إصدارها من قِبل ما يعرف في زماننا (البنك المركزي) الموجود في كل دولة لتكون بمثابة ديون للمتداولين لدى هذه السلطة المالية فيها.



التغيرات التي طالت عملة الأوراق المالية ومراحل تطورها :



مرت عملة الأوراق المالية بأكثر من مرحلة شهدت فيها تغيرات بارزة و ملحوظة ولعلّنا نلخص مراحل التطور هذه على الشكل التالي :


1





المرحلة الأولى

تميّزت بشيوع الأوراق المالية المغطاة بالذهب إذ حلّت بجدارة محله بنسبة مطلقة وتتميّز هذه الأوراق المالية عن الليرات الحجرية المصنوعة من الذهب بالرغم من أنّها تحلّ محلها بإمكانية حملها دون عناء و بتواضع تكلفة طباعتها قياساً بتكلفة صك الليرات الذهبية إلى جانب أنّها تحد من مشكلة التلف التي تلحق بالليرات الذهبية إثر عملية تداولها واستعمالها وأبرز مميزاتها أنّها تتساوى مع الذهب من حيث القيمة إذ أن بالإمكان تحويلها إلى ليرات ذهبية بكل سهولة.

ولعلّ الشهادات المذهبة  التي كانت تقدّم من قبل البنوك الأمريكية خير مثالٍ على هذا النوع من الأوراق المالية إذ كانت هذه البنوك تعمد إلى الاحتفاظ بمقدار ذهبي يقابل قيمتها بذلك يرجع هذا اللقب لرداء الذهب الذي يغطي هذه الشهادات والذي يساوي بالمقابل القيمة الحقيقية لها.


2-

تميّزت

المرحلة التالية

بشيوع الأوراق المالية المغطاة بنصف قيمتها الحقيقية ذهباً بحيث حلّت جزئياً محل الذّهب وهذا التحول على الأوراق المالية حصل بشكلٍ تدريجيّ نتيجة تطور تداولها الملحوظ في الأسواق وحيازة السلطة المالية المعنية المسؤولة عن إصدارها على درجة ليست قليلة من ثقة المتداولين لها، إذ   رأت أنّه ليس بالضرورة أن تُغطى بالذهب بشكل كامل وبقيمة تعادل قيمته تماماً ومن هنا بدأت تعمل على إخفاض نسبته شيئاً فشيئاً بحيث أصبحت قيمتها ترجع مناصفةً إلى قيمة الغطاء الذهبيّ وقيمتها كعملة متداولة رسميّاً ولعلّ الأوراق المالية التي تم إصداره من قبل البنك المركزي المصري (البنكنوت) خير مثال على هذا النوع من الأوراق المالية إذ حازت على درجة عظيمة من ثقة المتداولين بحيث كان بالإمكان إبدالها بالذهب رغم أن نسبة الذهب لا تتعدى نصفها ،أضف إلى ذلك تعدّيها قيمة الجنيه الذهبي إذ كان في فترة سيطرت الجيش على حكم مصر بالفترة التي تلت انقلاب عام اثنين وخمسين وتسعمئة وألف على الملك الذي انتخب شعبياً وعلى الشرعية الدستورية ،كل جنيه يعادل خمسٌ وتسعون بالمئة من قيمتها


3-

شهدت عملة الأوراق المالية في

مرحلة تطورها الأخيرة

تغيرات بارزة بحيث تصدرت على ساحة التداول في الأسواق (الأوراق المالية الإلزامية ) وهي ما تعرف بأنها أوراق مالية لا يمكن تصريفها أو استبدالها بالذهب قياساً بما سبق ذكره ، إذ أن قوة حضورها في الأسواق راجعةٌ إلى قيمتها الحقيقية كعملة رسمية للدولة المصدرة لها و موثوقية المتداولين بها ، بحيث كانت الأوراق المالية الإلزامية ثمرة تطورات كثيرة طالت عوالم البيع والشراء نتيجة اختلاف الظروف المحيطة كالتدفق الهائل  للسكان وقلة كميات الذهب في الأسواق نتيجة تعدد استعمالاته في أكثر من مجال وضغوطات الحوادث الحاصلة الأمر الذي دفع السلطات المالية في الدول إلى إيقاف ما عهدته في فترة زمن ماضية من تغطية الأوراق المالية بالذهب