اكتئاب الاطفال واسبابه وكيفية علاجه
حتي سنوات قلیلة مضت كان یعتقد الجمیع أن مرحلة الطفولة ھي أفضل مراحل عمر الإنسان , معتقدین أن الطفل لا یعي ولا یستشعر ما یدور حولھ من مشكلات یومیة , ولا یعرف سوي عالمھ الخاص جدا بھ وتقل لدیھ من وجھة نظر الآباء والأمھات مسببات التعرض للاكتئاب والإحباط إلا أن ھذه النظریة ثبت أنھا خطأ, فالدراسات العلمیة العالمیة والمحلیة وما نشھده من أحداث یشیر إلي أن الطفل لم یعد بعیدا عن الإصابة بھذا المرض , وما یؤكد ذلك تعدد حالات انتحار الأطفال التي كشف عنھا الإعلام المصري أخیر ا, بالإضافة إلي تزاید نسب إصابة الأطفال والمراھقین بالاكتئاب حتي تجاوز عددھم ثلاثة ملایین طفل مكتئب .
كذلك تؤكد احدى الدراسات أن معدل انتشار الاكتئاب بین الطلاب وصل إلي 71% ، 36 % منھم من الذكور 37.5 % منھم من الإناث , كما تؤكد الدراسة أن ھذه النتائج متفقة مع عدد من الدراسات المحلیة والعالمیة المنشورة , وأوضحت الدراسة أن 47 من الطلاب لدیھم اكتئاب بسیط و 39 % لدیھم أعراض اكتئابیة شدیدة , كما ترجع الدراسات الأسباب إلي الضغوط الزائدة والقلق والاحتیاجات والمسئولیات المتزایدة التي تواجھھا تلك الفئة .
اسباب الاكتئاب
:
أما الأسباب كما یشخصھا أطباء الطب النفسي والسلوكي والاجتماعیون تعود إلي الإحساس بفقدان الأمن والشعور بعدم التوازن نتیجة عدم إشباع الطفل حاجیاتھ الأساسیة , وكنتیجة للمؤثرات النفسیة والاجتماعیة التي یعیشھا الطفل وتخلق لدیھ الشعور بالیأس الذي قد یتفاقم داخل البعض لیصل بھم إلي حافة إیذاء النفس أو الانتحار , ھذا ما یؤكده علماء الطب النفسي .. حیث یري الدكتور یاسر متولى أن الطفل مثلھ مثل الكبیر ولكن الخلاف بینھما أن الكبیر یمكنھ التعبیر عن مشاعره والإفصاح عنھا بالكلام أما الصغیر فتعبیره سلوكي یتجسد في انطواء الطفل الملحوظ والمیل إلي العزلة وتراجع القدرات العقلیة والمھارات ، الغضب أو عدم الرضا, ونري كثیرا أطفالا یتحولون إلي العدوانیة , وآخرین یلجأون لمص أصابعھم أو یمیلون إلي الحزن أحیانا والقلق أحیانا أخري . ویضیف : إن الاكتئاب یمكن أن یكون وراثیا, ومن ھنا فإن زواج الأقارب یضاعف المشكلة لأن احتمالات الاضطرابات تكون مضاعفة .
الفرق بين اكتئاب الطفولة و المراهقة
:
ویفرق الدكتور یاسر متولى في مرحلة الطفولة بین فترتین حیث تبدأ الطفولة بعد الولادة حتي عمر 18 عاما لتشمل سن المراھقة , ویشیر إلي أن الطفل حتي سن 6 سنوات تكون تعبیراتھ سلوكیة , وبعد ھذه السن حتي 12 عاما یقترب تفكیره من تفكیر الكبار , وعلي ذلك نتوقع أن یكون اكتئابھ مثل الكبار , وممكن أن یكون شدیدا في حالة وجود عوامل وراثیة , والمثال لذلك الأطفال الفاشلون دراسیا حیث یقل مجھودھم ویضطرب نموھم وتقل شھیتھم وھذه كلھا أعراض لاضطراب كیمیاء المخ كما تقل الھرمونات بالجسم وتبدأ قدرة الطفل علي العمل والدراسة في تراجع فینعزل وینطوي ویھمل نفسھ ویقل وزنھ , كما یصاب بأمراض جسیمة أخري بشكل سریع لأن مناعتھ تقل بشكل مستمر , لذلك نجد تزایدا لدیھم معدلات الإصابة بأمراض الجھاز الھضمي والجھاز التنفسي والشكوي المتكررة والمستمرة من المغص والقيء والإمساك والإسھال ونوبات البرد والتبول اللاإرادي وكلھا مظاھر وتعبیرات عن اضطراب وجداني واكتئاب وتعبیر عن أن الطفل لیس في حاجة مزاجیة طبیعیة ویحتاج إلي العلاج .
اضرار الاكتئاب
:
ان البشر عرضة للاكتئاب عند التعرض للضغوط المزمنة لأنھا تؤدي إلي تغییرات في كیمیاء المخ , قد تصل ھذه التغییرات إلي فقدان الخلایا العصبیة , وانخفاض الناقلات الكیمیائیة المسئولة عن الشعور بالراحة والاسترخاء والسعادة ، أن الطفل تظھر معاناتھ في المزاج العصبي المتوتر وما یعتریھ من نوبات البكاء الشدیدة أو یتجسد في الأعراض الجسمیة مثل الصداع المستمر أو أعراض أخري مثل آلام البطن والغثیان , وقد یختفي الاكتئاب خلف بعض السلوكیات مثل الخوف من المدرسة , ورفض الذھاب بسبب معاناتھ من القلق الشدید لانفصالھ عن والدتھ أو نتیجة لتصورات مخیفة خاطئة عن المدرسة ، وبالطبع تؤدي الأعراض الاكتئابیة مثل قلة التركیز وبطء التفكیر إلي تدھور الأداء الدراسي مما یجعل الأمر یختلط عند التشخیص ما بین صعوبات التعلم أو إصابة الطفل بالاكتئاب , حیث یتحسن مستوي الطفل الدراسي عند تحسن أعراض الاكتئاب , وقد تشتد الأعراض فیعاني الطفل من ھلاوس سمعیة كسماع صوت یأمره أو یعلق علي تصرفاتھ , أو اضطراب في التفكیر یؤدي بھ إلي الشعور بالذنب الشدید أو الخوف من مرض عضوي أو الموت وقد تقل ھذه الأعراض قبل مرحلة البلوغ , بینما تكثر في مرحلة المراھقة ویصاحب الاكتئاب سلوكیات عدوانیة أو إدمانیة , بالإضافة إلي إھمالھ مظھره العام , أو الحساسیة الشدیدة للرفض من الجنس الآخر .
علاج الاكتئاب و الوقاية منه
:
كذلك فإن النمو النفسي السوي یتطلب إشباع الحاجات النفسیة والأساسیة للطفل مثل الحاجة للحب والاھتمام والتقدیر والشعور بالأمان , والتشجیع والاعتماد علي النفس في إنجاز بعض الأمور . أن العلم الحدیث وصل بالتشخیص عن طریق الفحوصات للكشف عن أي عیوب وراثیة للجنین داخل الرحم لأن أخطر شيء في المرض النفسي أنھ كلما تأخر الاكتشاف تفاقمت المشكلة , كذلك یمكن عن طریق أخصائي الأطفال المدرب أن یفرق مابین المرض النفسي والجسمي ویوجھ الوالدین للعلاج السلیم ، كما انھ یجب وضع تعریف الطفولة طبقا للیونسیف وھو یبدأ منذ لحظة المیلاد حتي عمر 17 عاما وھنا یحتاج الطفل لغمره بالحنان وتلبیة احتیاجاتھ وھو برحم الأم , ولذلك علي الأسرة أن تكون علاقتھا بالطفل حمیمة وھذا للأسف تفتقر إلیھ غالبیة الأسر المصریة فالأسرة لدینا إما أمیة ثقافیا وإما متعلمة ولكنھا لا تمتلك الوقت , لھذا نجد الاكتئاب منتشرا بین أطفال الروضة إلي جانب ذلك ھناك برامج الإرشاد الوالدي الذي یقدم للأھل التوجیھ وكیفیة عمل الأنشطة والحوادیت البسیطة , وتلبیة حاجات الطفل الأساسیة .. وأبسط ھذه الحاجات التغذیة السلیمة , ومرحلة المراھقة ( وھي في الأصل مرحلة أزمة ) فإذا لم نع كیف نتعامل فیھا مع المراھق سنفقده ھویتھ ویجب أن یعرف الأھل كیف یجنبون طفلھم عدم التوازن في ھذه المرحلة فلا ندخلھ في تناقض فإذا تصرف مثل الأطفال تقول أنت كبرت وإذا تصرف العكس تقول لھ أنت طفل وھنا یقع في أزمة الھویة ویفقد ثقتھ في نفسھ ویصاب بالمرض النفسي.