علاقة وجبة الافطار بشرايين القلب و الدماغ

یعتبر موضوع تقسیم عدد الوجبات الغذائیة الیومیة ومواعید تناولھا أمرا غایة في الأھمیة والدقة أسوة بالاھتمام الطبي في أن تكون مكونات الوجبات من الأطعمة والمشروبات المختلفة ھي مواد صحیة وغیر ضارة، وفي أن تكون كمیة الطاقة فیھا مناسبة وفق ضوابط تختلف حسب حاجة كل إنسان، وفي أن تكون محتویة بنسبة مدروسة على العناصر الغذائیة من سكریات وبروتینات ودھون ومعادن وفیتامینات وأملاح وسوائل ضمن اطار تلبیة حاجة الجسم الیومیة.



* الإفطار والشرایین :


تتسبب كل من السمنة ومرض السكري في نشوء أمراض الشرایین، سواء تلك التي في القلب أو في الدماغ أو في الأطراف وھذان العاملان المھمان مرتبطان من ناحیة أصل منشئھما  وذلك بحسب إتباع السلوك الصحي أو عكس ذلك. والمقال الیوم ھو حول ما یُخفف من احتمالات ظھور ھذین العاملین المرضیین. وتعتبر مسائل زیادة الوزن وتداعیاتھ من ارتفاع احتمالات ظھور مرض السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات الكولسترول أحد الجوانب التي تبحث الدراسات الطبیة في أفضل الوسائل لمنعھا. ولعل من أوائل الدراسات التي نظرت بطریقة مختلفة إلى تناول وجبة الإفطار تلك الدراسة التي تم تقدیمھا في مؤتمر رابطة القلب الأمیركیة ، وتبین فیھا من متابعة حوالي 3 ألاف شخص أن من یتناولون وجبة الإفطار ھم أقل عرضة وبدرجة كبیرة للإصابة بالسمنة وبمرض السكري

النظریة الأخرى تنظر إلى الآلیة بشكل أدق، إذ تربط الأمر بما یُمكن تسمیتھ حالة أو متلازمة مقاومة الجسم لتأثیر الأنسولین الإیجابي علیھ أو ما یُطلق علیھ اصطلاحا متلازمة الأیض syndrome metabolic وفي ھذه الحالة تتشابك عناصر عدة من زیادة الوزن أو السمنة مع ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة سكر الدم خاصة في الصباح، وارتفاع نسبة ھرمون الأنسولین في الدم حینھا، وارتفاع نسبة الدھون الثلاثیة في الدم، وانخفاض نسبة الكولسترول الثقیل HDL المفید للقلب والسبب وراء جملة ھذه الاضطرابات ھو زیادة كمیة خلایا الشحم في الأنسجة الشحمیة وحینما تزداد كمیة الشحم في الجسم، فإن ھذه الخلایا بكثرتھا تجبر البنكریاس على إفراز كمیات عالیة من الأنسولین . من ھنا یظھر أثران سلبیان، الأول إرھاق مزمن ومتواصل للبنكریاس مما یرفع احتمالات ظھور مرض السكري، والأمر الثاني الأثر السلبي لھرمون الأنسولین في الجسم كما في الشرایین، التي تزداد عملیة تصلبھا المرضي بمجرد وجود كمیات عالیة من الأنسولین في الجسم أیا كان مصدره، البنكریاس أو حقن العلاج وبالتالي ظھور مرض تصلب الشرایین ، وبعبارة بسیطة، علاقة الإفطار بھذه السلسلة المتداخلة هى ان لدى متناولي الافطار تقل احتمالات ظهور حالة المقاومة ضد الانسولين بنسبة كبيرة تصل الى 50 %



* الإفطار والوزن :


المنطق النظري والعملي السلیم یقول أن وزن الجسم یزید حینما یأكل الإنسان كمیة من الغذاء التي لا یستطیع الجسم أن یتخلص نم طاقتھ الكبیرة، فتتراكم بالتالي في الجسم على ھیئة شحوم غالبا ،ً ویزید الوزن تلقائیا ،ً ھذا صحیح جدا . علیھ یعتقد البعض أن إلغاء وجبة الإفطار ھو أحد الخطوات الذكیة في تجنب تناول كمیة من طاقة الطعام، وبالتالي ھو أمر یُسھم في تخفیف الوزن، وھذا خطأ تماما لذلك يجب ان نفهم منطق طاقة الغذاء وعلاقتھ بالوزن لیس أمرا مرتبطا بمجرد الكمیة، بل بكمیة الغذاء وحصص توزیع تناولھ. وعلى سبیل المثال فإن أفضل الطرق في تناول مرضى السكري للغذاء الیومي ھي تقسیمھ إلى خمس أو ست حصص غذائیة، أو كما یفعل الیابانیون.



* الإفطار والكولسترول :


الدكتور حمید فرشجي وزملاؤه من جامعة نوتنجھام في بریطانیا نظروا للأمر من جھة أخرى. ففي بحث لھم العام الماضي نشر في المجلة الأمیركیة للتغذیة الإكلینیكیة تتبعوا أثر ترك النساء ، لیس البدینات بل النحیلات، لتناول وجبة الإفطار على نسبة الكولسترول في الدم. وتبین لھم أن ذلك بالإضافة إلى أنھ یزید من مقاومة الجسم لمفعول الأنسولین حتى لدى النحیلات فإنھ أیضا یرفع من نسبة الكولسترول الخفیف الضار في الجسم، كما أنھ یجبرھن على تناول كمیات إضافیة من الطعام في أثناء النھار ویرفع من شھیتھن لذلك. بینما من تناولن وجبة الإفطار حرقن كمیة أكبر من طاقة الغذاء واحتجن تناول كمیات أقل منھ. وأوضح الدكتور فرشجي أن المھم ھو تناول وجبة الإفطار في الصباح ولیس أواسط النھار.



* مكونات الإفطار :


إن الإفطار الصحي یشمل تناول العناصر الغذائیة الأساسیة من سكریات وبروتینات ودھون، بالإضافة إلى التركیز على تناول الفواكھ وعصیرھا، والحبوب الكاملة (غیر المنزوعة القشرة الخارجیة) كالشوفان، والبقول كالفول أو الحمص بأي ھیئة تم إعدادھا، والحلیب أو اللبن الزبادي ، والبیض كاملا ،ً والعسل وغیرھا ھي مكونات صحیة لإفطار یومي. المھم ھو التنوع والشمول مع الحرص على الأغذیة الطبیعیة مع عدم الإكثار من الشحوم أو الزبدة. وتركز رابطة القلب الأمیركیة على وجھ الخصوص نصیحتھا بتناول الفواكھ والحبوب الكاملة سواء في الخبز أو غیرھا من طرق الإعداد.