تجربة كوريا الجنوبية في النهوض بالبلاد
قوة الإرادة…
قوة الإرادة هي إحدى أهم الأسلحة النفسية التي يسعى الإنسان دائما للحصول عليها كي يستطيع من خلالها تحقيق أهدافة وأحلامة للخروج من أذماتة والذهاب إلى مرحلة أخرى في حياتة يرقى فيها بنفسة وبمن حولة من مجتمعة الصغير المتجسد في أسرتة، حتى يصل ذلك الرقي والتقدم للمجتمع الأكبر الذي يتمثل في وطنة، ويوجد لدينا العديد من البلدان التي مر عليها أوقات عانت شعوبها من الفقر والكحط إثر إحتلالات وحروب وكوارث ولكن سرعان ما فاقت و استطاعت أن تنهض بأوطانها في وقت قصير كي تصبح من أوائل دول العالم سعيا منها لمعيشة أفضل ومكانة أكبر ومثلا أعلى يحتزى به بين العديد من الدول التي تعاني الفقر والكحط مع وجود الكثير من الموارد على أراضيها سواء كانت طبيعية أو بشرية أو غيرها، ومن ضمن تلك الدول ( كوريا ) التي كانت في الماضي القريب تعاني الإستعمار وبعد جلاء الإستعمارعنها صار بينها حروب أهلية أدت إلى خسائر أكثر من التي لحقت بها أيام الإستعمار ثم أنقسمت إلى دولتين (كوريا الشمالية) التي مازالت إلى وقتنا الحالي تعاني الدكتاتورية بما تحملة الكلمة من معاني في قمة صورة من ظلم وقهر وطغيان وجهل، و(كوريا الجنوبية) التي أصبحت بأذن من الله عز وجل من كبرى دول العالم إقتصاديا وسياسيا بسبب شعبها الذي اتحدت فية جميع طوائفه على قلب رجل واحد للنهوض بالبلاد والإبتعاد عن الفقر طمعا منهم لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، وتعتبر تلك النماذج قصصا تستحق أن تذكر كي نقتضي بها.
كوريا الجنوبية
…نستطيع أن نتعلم من قصة كوريا الجنوبية في التقدم نحو النهضة الكثير من العبر التي تتمثل في قوة الإرادة وحسن التخطيط والإدارة من قبل الشعب الذي لم يسمح لنفسة بالإستسلام لما وصل إلية نتيجة الإستعمار الياباني الذي بدأ من عام 1910 ميلاديا وظل قرابة الخمس وثلاثين عاما حتى خرج من البلاد بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية على أيدي الحلفاء، ثم بعدها حصلت كوريا على إستقلالها مباشرة في عام 1945 ميلاديا كي تصبح كوريا مسرحا كبيرا بين المعسكرين الغربي والشرقي والذي كانت نتائجة إنقسام البلاد إلى قسمين، القسم الاول كوريا الشمالية التابعة للإتحاد السوفيتي والثاني كوريا الجنوبية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، ثم جاء في منتصف عام 1949 ميلاديا إنسحاب كل من القوات السوفيتية والامريكية من الأراضي الكورية، وكانت كوريا الجنوبية في ذلك الوقت واحدة من أفقر دول العالم، حيث لم يتعدى انذاك معدل دخل الفرد السنوي الثمانين دولار، بالإضافة إلى الفوضى السياسية والدمار الإقتصادي الذي حل بالبلاد، ولم يصل سوء الحال إلى هذه الدرجة فقط بل دخلت في حرب أهلية مع شقيقتها كوريا الشمالية ظلت مستمرة قرابة الثلاث سنوات كي تقضي عليها تلك الحرب بشكل كامل، حيث خلفت ورائها الكثير من الخسائر الإقتصادية والبشرية الهائلة وكانت تلك الفترة أسوء فترة تاريخية مرت على كوريا الجنوبية حيث وصل بها الحال لدرجة أن شعبها كان يأكل من خلال المساعدات الخارجية بشكل شبه كامل.
بداية النهضة في كوريا الجنوبية…
بدأت كوريا الجنوبية في الإفاقة من الحالة التي وصلت إليها من أزمات سياسية و إقتصادية في عام 1961 ميلاديا على أيدي الجنرال (بارك تشونغ هي) الذي أمسك بذمام البلاد من خلال إنقلاب عسكري، والذي قام بإنشاء مؤسسة (مجلس التخطيط الإقتصادي) التي إختصت بطرح أنظمة إدارية عالية التكوين والتي جائت معظمها من الجامعات الغربية، وقد لعب ذلك المجلس دورا كبيرا في تجديد الحياة الكورية في شتى النواحي من أهمها الثقافية والإجتماعية والإقتصادية من خلال وضع الحلول والرؤى المختلفة مع تحديد الأهداف لحل مشكلات كل من (التنمية، والفقر، والتعليم، والقضاء).
أهم المقاومات التي ساعدت على قيام النهضة الكورية:
التعليم
… لقد أهتمت الجهات المعنية في كوريا الجنوبية بإستثمار رأس مالها البشري من خلال تدريب مئات الآلاف من الطلاب في مدراس التعليم والتكوين المهني، وقد تم التركيز على العلوم والتكنولوجيا، حيث وصل حجم الطلاب في (الشعب العلمية) إلى السبعين في المئة من إجمالي عدد طلاب الدولة في عام 1980 ميلاديا، كما أرسلت العديد من بعثات الطلاب والموظفين إلى الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوروبية من أجل الدراسة ، بالإضافة إلى إنفاق ربع الميزانية العامة للبلاد على التعليم في تلك الفترة إقتناعا منهم بأن التعليم هو أساس بناء الشعوب وتقدمها ورقيها ونهضتها.
الإقتصاد
…أما من الناحية الإقتصادية فقد عقدت الجهات المعنية في الحكومة شراكة بينها وبين القطاع الخاص، حيث منحت الدولة بموجب تلك الإتفاقية إمتيازات للشركات الخاصة من خلال حمايتها من الإضرابات العمالية والإفلاس مقابل وعد صريح منها بالسعي وراء تحقيق التنمية الإقتصادية للبلاد، وقد كان للولايات المتحدة الأمريكية دورا كبيرا في مساعدة كوريا الجنوبية بشكل كبير من خلال القروض وفتح الأسواق المالية والحماية الأمنية والسياسية للبلاد، حيث كانت تلك المساعدات من أهم الاسباب الرئيسية في سرعة تنمية البلاد في وقت قياسي، حيث أن معدل النمو الكوري تصدر دول العالم بداية من السبعينات إلى نهاية القرن الماضي.
تغيير نظام الحكم
…وبالرغم من التقدم الإقتصادي للبلاد في فترة الدكتاتورية العسكرية إلا إنه كان يوجد إضطهادا كبيرا ملحوظ لحقوق الإنسان خصوصا للفئة العاملة التي كانت من أهم الاسباب لتقدم البلاد مما أدى لسقوط الحكم العسكري في عام 1987 ميلاديا بعد الإحتجاجات القوية التي حدثت ضد الحكم، وبعدها نصبت حكومة ديمقراطية للبلاد ساعدت على نموها وتقدمها بشكل أسرع حتى أصبحت كوريا الجنوبية من إحدى دول العالم تقدما في مختلف المجالات سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو ثقافية أو فنية، وصارت قوة إقتصادية عالمية كبيرة ودولة ديقراطية بإمتياز من الدرجة الأولى كي تصبح مثلا يحتزى به وسط دول العالم في تحقيق الرقي والتقدم.
أخيرا
…وأخيرا بلغ إجمالي الإنتاج المحلي لكوريا الجنوبية في عام 2014 ميلاديا إلى قرابة 1.304 تريليون دولار، كما يتعدى معدل الدخل السنوي للفرد حوالي ثلاثين ألف دولار بعد أن كان في حقبة الستينات لا يتعدى الثمانين دولار سنويا، كما يعتبر الإقتصاد الكوري من ضمن أكبر خمسة عشر إقتصادات كبرى دول العالم، بالإضافة إلى إحتلالها مرتبة متقدمة من بين إثنى عشر دولة في العالم كأكثر تقدما بناء” على تقارير منظمة الأمم المتحدة للتنمية البشرية، أما بالنسبة للمستوى العلمي فقد أحتلت كوريا الجنوبية المرتبة الرابعة عالميا بين دول العالم طلبا لبرائات الإختراع.