ماذا تعني ظاهرة ” الصيام الالكتروني”؟

أصبحنا في عالم بلا نكهة، فكلما تطورت التكنولوجيا كلما فقدنا معنى الأشياء الجميلة التي قد تعودنا عليها، فقد اختفت الكثير من العادات والتقاليد والموروثات العظيمة نتيجة لتوغل الإنترنت، فالإنترنت هو سمة العصر وأصبح من أهم مكملات الحياة سواء للصغار أو الكبار، فلا نتعجب حينما نجد طفل صغير لم يتجاوز عامه الأول يبكي بسبب عدم تمكنه من مشاهدة الأغنية المفضلة له بسبب انقطاع الانترنت، وبالطبع هو حال الكبار فأصبح الجميع يعيش في توتر مستمر عندما ينقطع الانترنت، وهذا هو حالنا جميعا فلست أتحدث عن حالة فردية، فالإنترنت أصبح إدمان أخطر من إدمان المخدرات، لأنه من الصعب الاعتراف بذلك، فما هو سبب إدمان الإنترنت؟ وهل الصيام الإلكتروني هو الحل في مواجهة هذا الإدمان؟


الإدمان الإلكتروني


من أخطر ما يمر به الآن الجميع خاصة الشباب والأطفال هو ظاهرة الإدمان الالكتروني، حيث أصبح إدمان الإنترنت أحد الأمراض النفسية المصنفة ضمن الأمراض النفسية، حيث تظهر علامات الخوف والقلق للأشخاص المدمنين الكترونيا عند بعدهم عن الانترنت، حيث يمكنهم دفع ما لديهم والكذب من أجل الانترنت، وفي نفس الوقت يهملون أعمالهم ودراستهم وعائلتهم، ويمكنهم حتى أن يخلقوا بيئة افتراضية معينة والانسحاب من المجتمع، لأن إدراجهم في المجتمع يؤثر عليهم بالسلب فهم يشعرون بالمتعة في عالمهم الافتراضي بعيدا عن الواقع الحقيقي.


ظاهرة الصيام الإلكتروني


انتشرت مؤخرا ظاهرة الصيام الإلكتروني بين مدمني الإنترنت والتقنيات الحديثة، والتي تهدف إلى التقليل من استخدام الأجهزة الذكية أو أجهزة الكمبيوتر، حيث أصبحت هذه الأجهزة في متناول الجميع سواء الكبار أو الأطفال مما يساهم في زيادة نسبة الإدمان الإلكتروني، وهو ما يدخل الجميع في مشاكل منها الصحية والنفسية والاجتماعية وغيرها، خاصة من الجيل الجديد وهو الجيل الذي يتأثر كثيرا بظاهرة الإدمان الالكتروني، ففكرة الصيام الإلكتروني تتلخص في محاولة الأشخاص المدمنين للانترنت الابتعاد عن أي جهاز سواء هواتف ذكية أو أجهزة لوحية أو ألعاب إلكترونية أو غيرها لفترة من الزمن ولو لأسبوع واحد، وفي هذه الفترة يمكن للشخص الاحتفاظ بهاتف جوال بدائي للضروريات فقط.

وقد علق مهندس الأنظمة المعلوماتية ” عبد الرحمن الشهري” عن ظاهرة الصيام الالكتروني وقال “إن الكثير من الناس أصبح لديهم إدمان فعلي على التقنيات الإلكترونية، فنجد الأعراض التي تظهر عليهم أصبحت شبيهة بالأعراض التي تظهر على مدمني المخدرات أو المشروبات الكحولية” والأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل حين ينقطع الانترنت يدخل الشخص في حالة توتر ويشعر أن شئ ينقصه، لأن الكل لا يمكن أن يستغني عن أجهزة الجوال، لذلك ظهرت فكرة ” الصيام الالكتروني” وهي البعد عن أي جهاز فيه الانترنت، لأن هناك الكثير من هؤلاء الأشخاص المدمنين يمكنهم أن يقضوا أوقاتهم دون الاستمتاع بها بسبب مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت، وحتى عند خروجهم إلى أماكن عامة كالمطاعم وغيرها فلم يستمتعوا بأي شيء حولهم لأنهم مشغولين دائما بالإنترنت والتصوير ومشاركة الأصدقاء على الانستغرم والسناب شات وهكذا.


تجارب الصيام الإلكتروني


الصحفي الألماني ” كريستوف كوغ ” قد قام بتجربة الصيام الإلكتروني وبالفعل استغنى عن استخدام التقنيات الحديثة مثل الهاتف الجوال والأجهزة اللوحية لمدة شهر كامل، على الرغم أنه من مدمني الأجهزة الإلكترونية، فقد توقفت عنده خدمة الإنترنت لذلك قرر أن يخوض التجربة، ولكنه بدأ يعاني من ظاهرة الحرمان الالكتروني وهي نفس الحالة التي يعاني منها مدمني المخدرات والكحول، حيث بدأ عليه أعراض في اليومين الأولين حيث عاني من الصداع والعصبية والملل خاصة وأن الإنترنت جزء أساسي في روتينه اليومي مثل قراءة البريد الإلكتروني أو البحث عبر غوغل، وقد أثبت كوغ أن بإمكانه القيام بهذه التجربة والاستغناء عن الإنترنت مثل محاولات مدمني المخدرات للتخلص منها.

أما ” شتيفان موهر” والذي يعمل في مجال الدعاية والتسويق الإلكتروني رأى أن هذه الفكرة مبالغ فيها، والهدف منها هو الترويج عن فكرة الصيام الالكتروني وكتابة الكتب عنها وبيعها، وهو الآن يستخدم الانترنت وفي نفس الوقت يشاهد التلفاز ويرى أنه إنسان ناجح في حياته العملية والأسرية.

فالأراء حول الصيام الإلكتروني هي أراء متفاوتة، فالصحفي “كريستوف كوخ” وجد أن الصيام الإلكتروني يعطي للفرد إحساسا بالراحة والقدرة على التركيز، لذلك قرر أن يصوم الكترونيا يوما واحد وهو يوم السبت من كل أسبوع، ولكنه يعود إلى استخدام الإنترنت يوم الأحد للاستئناف في العمل، وهو ما يؤكد أن فكرة الصيام الإلكتروني هي فكرة تطبق بشكل مؤقت فلم تجن ثمارها بالشكل المتوقع..