تاريخ المسجد العتيق بجدة
تزخر جدة بالكثير من المباني المعمارية القديمة والتراثية والتي تعتبر خير شاهد على الحضارات القديمة، خاصة العمارة الإسلامية التي لازالت إلى الآن قائمة على حالها، فالمساجد على سبيل المثال هي من أبرز المباني المعمارية الإسلامية والتي تبرهن على مدى التطور الهائل الذي لحق بالعمارة الإسلامية في منطقة جدة التاريخية، وعلى رأسها مسجد الشافعي أو ما يعرف باسم المسجد العتيق وهو من أشهر المساجد في مدينة جدة، والذي يعتبر من أهم المواقع التي تستقطب السياح والزوار من داخل وخارج المملكة، خاصة المعتمرين والحجاج وحتى الأجانب، الذين يفضلون زيارة المسجد العتيق بجدة لأن تاريخه يعتبر اختصارا لحقب تاريخية متعاقبة قد مرت على تشييده، فما هو تاريخ المسجد العتيق بجدة؟
تاريخ المسجد العتيق
يقع مسجد الشافعي أو المسجد العتيق في منطقة مدينة جدة التاريخية ، حيث يجاور المسجد غربا سوق الصاغة والفضيات القديم وصانعي النحاس، ومن العرب سوق النسيج والملابس والمعروف باسم سوق البدو التاريخي، وقد بني مسجد الشافعي في عام 1250م على يد الملك المظفر سليمان بن سعد الدين شاهنشاه الثاني وهو أحد الملوك الأيوبيين في اليمن، وقد كان شافعي المذهب وقد تمت تسميته بالشافعي على هذا الأساس، ثم جدد المسجد عام 1533م على يد تاجر هندي يدعى الخواجة محمد علي وكان التجديد وقتها لم يشمل مئذنة المسجد.
وقد ذكرت كتب التاريخ أن المسجد العتيق تم تشييده من المواد التقليدية كالطين البحري والحجر المنقبي والأخشاب وكلها مواد أساسية كانت من أهم المواد التي يعتمد عليها سكان جدة في هذه الحقبة بحكم طبيعة الأجواء الرطبة.
أقسام المسجد العتيق
ينقسم المسجد العتيق إلى قسمين هما صحن مكشوف مربع الشكل وسط دكة بغرض التهوية وترتكز على أربعة أعمدة، أما القسم الثاني فهو إيوان القبلة، وبالنسبة لمئذنة المسجد فهي أقدم مئذنة في تاريخ منطقة الحجاز وقد تم تشييدها على الطراز الأيوبي والذي ظهر في القرن السادس الهجري .
ويوجد بالمسجد العتيق صهريج ماء بعيدا من مياه الأمطار يستخدم إلى الآن لأغراض مختلفة، ويوجد في حائط القبلة محراب مجوف زخرفت عقوده بالزخارف الزيتية والكتابات القرآنية المكتوبة بخط الثلث، أما الأعمدة فقد جلبت من مدينة نيسة بإثيوبيا في عصر صدر الإسلام، وهي مصنوعة من الرخام المخروط المائل إلى الحمرة.
ترميم المسجد العتيق
تم إعادة ترميم المسجد العتيق في يونيو 2015 وهي آخر عمليات الترميم التي شهدها المسجد بعد الترميم الذي تم قبل 500 عاما، وقد تم هذا الترميم الأخير على نفقة الراحل عبد الله بن عبد العزيز من خلال مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز للأعمال الإنسانية، وقد قامت مؤسسة التراث بأعمال الترميم ضمن مشاريع البرنامج الوطني للعناية بالمساجد التاريخية والذي ينفذ بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية والهيئة العامة للسياحة والآثار .
وقد أشرف على الترميم متخصصون في فنون العمارة الإسلامية والذين قد حافظوا على شكل المسجد القديم ونقوشه الإسلامية، وقد قامت هذه الترميمات على الأساس القديم الذي بني على أساسه المسجد، وبالأخص وأن المكونات الأساسية للمسجد تعتمد على الجبس والرمل، كما ساهم هذا الترميم على إبراز العناصر التي قد اختفت بفعل العوامل البيئية مثل الفتحات والنوافذ وإزالة التشوهات التي نتجت بعد الترميمات السابقة .
كما شملت أعمال الترميم الأعمدة والأسقف الخشبية والجدران والمنارة، وأيضا الزخارف الجصية والخشبية والمحراب، كما تم رصف الأرضيات بالبلاط والتكسيات المناسبة، وتم إزالة المحلات التجارية الملاصقة لحائط المسجد الجنوبي، وأخيرا تم الاهتمام بتأهيل شبكة الصرف الصحي والمياه وتنفيذ شبكة تكييف حديثة وإنشاء حمامات حديثة.