سيرة أم المؤمنين ” حفصة بنت عمر “
نسبها:
هي أم المؤمنين زوجة رسول الله عليه السلام حفصة بنت عمر بن الخطاب بن
بن نفيل بن عبدالعزى بن رياح بن عبدالله بن قُرط بن عدي بن كعب. وهي ابنة الصحابي الكريم وخليفة المؤمنين عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، وابنة زينب بنت مظعون أخت الصحابي الزاهد عثمان بن مظعون الجمحي، والسيدة حفصة شقيقة الصحابي عبد الله بن عمر. ولدت السيدة حفصة قبل بعثة الرسول بخمس سنوات في العام الذي قامت فيه قبيلة قريش بإعادة بناء وترميم للكعبة المشرفة.
سيرتها في حياة النبي عليه الصلاة والسلام:
كانت السيدة حفصة زوجة خنيس بن حذافة السهمي الذي أسلمت وهاجرت معه إلى المدينة المنورة. توفي عنها زوجها متأثرا بجراحه في غزو أحد.
بعدها قام عمر بن الخطاب بعرض حفصة على كل من عثمان بن عفان وأبي بكر ليخطباها، لكنهما رفضا وذلك لأن النبي عليه السلام قد أسر لهما نيته لخطبتها. ثم تقدم النبي عليه السلام لخطبتها من أبيها فوافق.
تزوج النبي عليه الصلاة والسلام السيدة حفصة بنت عمر على صداق قدره 400 درهم في شهر شعبان من العام الثالث الهجري وهي في سن العشرين، لتكون الرابعة في ترتيب زوجات النبي عليه السلام ويسبقها السيدة خديجة بنت خويلد وسودة وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهن جمعاوات.
كانت من زوجات النبي عليه السلام اللاتي نزلت فيهن آية التخيير بين متاع الدنيا وبين أن يطلقهن النبي. حيث جاءت نساء النبي عليه السلام يشكونه ضيق النفقة، فلما علم أبواهما – عمر أبو حفصة وأبو بكر أبو عائشة – همّا بضربهما، غير أن النبي عليه السلام منعهما من ضربهما ونهاهما عن ذلك. ونزلت الآية تقول:
” يا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ” فاخترن جمعيهن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
بعد وفاة النبي عليه السلام:
لم تغادر السيدة حفصة بنت عمر بيتها بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد لها ذكر كثير في الأخبار سوى في أمرين وهما: خسارة المسلمين لعدد كبير من حفظة القرآن في حروب الردة، وقرار أبي بكر بعد مشورة أبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بجمع القرآن وأمره للصحابي الجليل زيد بن ثابت بجمعه في مصحف واحد احتفظ به سيدنا أبو بكر في بيته حتى وافته المنية.
وبعد تولي عمر بن الخطاب الخلافة بعد أبي بكر، صار المصحف في حوزته حتى توفاه الله، فانتقل إلى حوزة حفصة. وقد منحته إلى عثمان بن عفان الذي طلبه منها لعمل نسخ منه بعد إختلاف الناس في قراءاته أيهما أصح.
والخبر الثاني هو همّها بالخروج مع السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها بعد الفتنة التي أصابت المسلمين إلى مدينة البصرة وذلك بعد وفاة الخليفة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ولكن أخوها عبد الله بن عمر منعها من ذلك.
سماتها الشخصية:
الغيرة الشديدة
: كانت السيدة حفصة بنت عمر شديدة الغيرة على النبي عليه السلام من زوجاته، فقد حدث أن النبي عليه السلام ذات يوم أصاب السيدة مارية بنت شمعون القبطية في بيت حفصة وعلى فراشها، فلما عرفت حفصة بذلك غضبت غضبا شديدا وقالت للنبي عليه السلام:
“يا رسول الله لقد جئتَ إليَّ بشيء ما جئتَه إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي”
فأجابها: ألا ترضين أن أُحرّمها فلا أقربها أبدا؟، فقالت: بلى، فقال: فلا تذكري ذلك لأحد. ولكن السيدة حفصة ذكرته عند السيدة عائشة، فلما علم النبي بذلك طلقها.
غير أن جبريل نزل على النبي بأمر إعادتها: “راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة” وفي هذه القصة نزلت آية: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ” فقام النبي بالتكفير عن يمينه، وأصاب مارية القبطية.
الفصاحة والعلم:
كما عرف عنها الفصاحة والبلاغة، وكانت من النساء القليلات اللاتي تعلمن الكتابة على يد الصحابية الشفاء بنت عبد الله.
وقد أشادت بها أم المؤمنين «ما رأيت صانعاً مثل حفصة، إنها بنت أبيها». و
روت عن النبي ستين حديثًا.
وفاتها:
توفيت في عا 41 هجريا في المدينة ودفنت بالبقيع