أبو موسى الأشعريّ..سيّد الفوارس


نسبه ووصفه:

هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب الأشعريّ التميميّ، صاحب رسول الله. كان قصيرًا خفيف الجسم خفيف اللحية.


سيرته وإسلامه وهجرته:

قدم لمكّة قبل الإسلام وأسلم بها، ورحل لقبيلته في اليمن. توجّه مع اكثر من خمسين من قومه إلى الحبشة من خلال البحر. ثم توجّهوا من هنالك مع جعفر بن أبي طالب للمدينة. وقد كان النّبي حينها عائدًا من فتح خيبر، وأخبرهم أنّ لهم هجرتين: هجرة إلى النجاشيّ، وهجرة إليّ.

شهِد بعدها مع النّبي غزوة خيبر، وكانت أوّل غزوة يشهدها مع النّبي، ثم شارك في سريّة أوطاس. وكان أبو عامر الأشعريّ عم أبي موسى الأشعريّ قائدها، فقُتل، فقتل أبو موسى قاتله، فدعا النّبي لهما: إغفر لعبيد أبي عامر،  اللهم إجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك..اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مُدخلاً كريمًا.

وكان النبي قد استعمله في ولاية الكوفة. وقد افتتح اصفهان في عهد خلافة سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. كما فتح الله على يديه مدينة “تُستر”.


روايته للحديث عن النبي:

حمل أبو موسى الأشعريّ عن النبيّ علمًا كثيرًا، و روى عن: النبي محمد وأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأبي بن كعب وعمار بن ياسر ومعاذ بن جبل.

ورُوى عنه عدد من الأحاديث، وروى عن أبي موسى: بريدة بن الحصيب، وأبو أمامة الباهلي، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وطارق بن شهاب، وسعيد بن المسيب وغيرهم.

وكان فقيهًا عالمًا وقرأ على النّبي، وأقرأ أهل البصرة وعلّمهم دينهم.


حسن الصوت:

قيل أنّه لم يكن في الصّحابة رجلٌ أحسن صوتًا منه. وكان أبو موسى قد قدم على معاوية، ونزل في بعض الديار في دمشق، وكان معاوية يخرج في الليل ليستمع لتلاوته وقرائته العذبة.

وقد كان النّبي ذات ليلةٍ قائمٌ عند باب المسجد وبالدّاخل رجلٌ يصلّي، فأقبل رجلٌ إلى النّبي فسأله النّبي: يا بريدة، أتراه يراني؟. قلت: الله ورسوله أعلم. قال: بل هو مؤمنٌ منيب، ولقد أوتيَ مزمارًا من مزامير آل داود. فيقول الرجل: فأتيتُ المصلِّي، فإذا به أبو موسى الأشعريّ، فأخبرتهش ما كان من قول النّبي فيه.

وروُي عنه أنّه قرأ ليلة، فقامت نساء النّبي مع النّبي يسمعون قراءته، فلمّا أصبح أخبره النّبي بذلك، فقال: لو علمتُ لحبّرته لك تحبيرًا ولشوّقت تشويقًا.

قال أبو عثمان النهديّ: ما سمعت مزمارًا ولا طنبورًا ولا صنجاً أحسن من صوت أبي موسى الأشعري; إن كان ليصلي بنا فنودّ أنه قرأ البقرة من  حسن صوته.


شريف القوم:

قبل بلوغ الأشاعرة إلى النّبي، قال الرسول لأصحابه: يقدم عليكم غدًا قومٌ هم أرقّ قلوبًا للإسلام منكم. فقدِم الأشعريّون، وكانوا يردّدون لما اقتربوا من المدينة أن: غدًا نلقى الأحبّة..محمدًا وحزبه.

وحينما نزلت آية:”فسوف يأتي الله بقومٍ يحبّهم ويحبّونه. أومأ النّبي لأبي موسى وقال: هم قومك يا أبا موسى.

كان الأشاعرة أوّل من احدثوا المصافحة. فقد صافحوا أهل المدينة لما حضروها.


العلم الواسع:

وكان أبو موسى الأشعريّ ذو علمٍ واسع وعقلٍ راجح وحكمة بالغة. ومن دليل ذلك شهادة النّبي فيه لما سُئل عن أصحابه، وذُكِر عنده أبو موسى، فقال فيه:”صبغ في العلم صبغةً، ثم خرج منه”.

وقال فيه الأسود بن يزيد أنّه لم ير في الكوفة من هو أعلمُ من عليٍّ وأبي موسى الأشعريّ.

وعُرف قضاة الصّحابة والأمّة أنهم: عمر بن الخطّاب، عليّ بن أبي طالب، ابن مسعود، وزيدُ بن ثابت، وأبي موسى الأشعريّ.

وقال الحسن البصريّ في أبي موسى في قدومه البصرة:  ما قدمها راكب خير لأهلها من أبي موسى.

وقال عنه صفوان بن سليم: «لم يكن يفتي في المسجد زمن رسول الله غير هؤلاء عمر وعلي ومعاذ وأبي موسى»


وفاته:

اختلفت الأقوال في وفاته زمانهم ومكانها، فبعض القول أنّه مات عام 42 هجريًّا، وقيل 44، وقيل 49، وقيل 50، وقيل 53 هجريًّا. إمّا في الثّوية قرب الكوفة أو في مكّة.

زوجته أم عبد الله وأم كلثوم (وهي أمّ ابنه موسى).