تاريخ العملة الفرنسية 2
نتابع مقال اليوم عن تاريخ العملة الفرنسية و نستعرض العملات التي تعاملت بها و نستهل مقالنا بالحديث عن
فرنك جارمينال :
حيث تم تأسيس مصرف فرنسا كبداية عهد حديث للعملة النقدية الفرنسية سنة 1800،ففي الرابع من نيسان سنة 1803 صدر قانون 14 استطاعت الدولة استرداد قيمة الفرنك إثر الجهود الحثيثة والسريعة لإعادة تنشيط العملة في كل من آسيا و أوروبا ،إذ صممت أشكال نقدية مستحدثة و عمدت إلى صك عملات نقدية جديدة من فئة 2 و 5 و 20 و 40 فرنك ليرجع الفرنك المصنوع من الذهب بحلته الجديدة كخطوة تبعت إثقاله بأسماء الزعماء و الملوك الفرنسيين ليصبح البنك الفرنسي بنكاً ذا طبيعة مركزية و إثر التنقل الدوراني للفرنك و سعي فرنسا إلى الانتشار على مساحات واسعة برز الفرنك كعملة فرضت سيطرتها داخل و خارج الحدود الأوروبية وصولاً إلى بلجيكا ، هولندا ، سويسرا وشمال إيطاليا إلى أن أسس اتحاد النقد اللاتينية في 23 كانون أول 1865 من أجل أن يحدد المعايير التي تتم وفقها التعاملات المالية و المعادن و أوزانها في البلاد التي ذكرناها سابقاً لتدخل اليونان جنباً إلى جنب معها سنة 1868، هذا وقد عايش الفرنك المصنوع من الذهب فترة استقر فيها في تعاملاته المالية و استمر ذلك حتى نهاية 1914 ، كما شهد حالة من التميز و الارتقاء رغم اضطراب وضعه و بعده عن الاستقرار في أوروبا إذ أنه شكل نوعاً من أنواع الدعم التنموي لبروز الفرنك بوان كاري مرسخاً استقراره إذ عادل 2.53 جنيه في عام 1915
أما
فرنك بوانكاريه
:بلغت الميزانية المالية في فرنسا سنة 1914 خمسة مليارات فرنك تقريباً إلا أنها أثناء الحرب العالمية الأولى قامت بإنفاق ما يقارب العشرين مليار فرنك هذا الأمر دفع البنك المركزي لاجئاً إلى رصيد الذهب المدخر ليتمكن من تأمين نفقاتها الأولية إلا أنه ظهرت الكثير من المطالب تدعو إلى الامتناع عن استخدام الكمية المدخرة من الذهب لتغطي النقص الكبير من الفرنك ، الأمر الذي دفعها إلى اللجوء إلى جني الضريبة من الناس كما أخذت من بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية قرضاً يقارب 40 مليار فرنك ، وهذا الأمر تمخض عنه تضخماً حاداً و دفع السكان للهجرة لدرجة أصبحت البلاد شبه خالية من أبنائها لضخامة الضغط الاقتصادي الأمر الذي دفع الحلفاء و خاصة فرنسا لإرغام ألمانيا دفع تعويضات لمن أحرز الانتصار عليها إلا أن فرنسا و بالرغم من هذه الضغوط أعطت أملاً كبيراً لمحاولة ترميم الثغرات بهدف إعادة التوازن إلى صفوف ميزانيتها المالية فعمدت إلى إنفاق الأموال على عملية إعادة تأهيل المساكن التي دمرت و محاولة رد جزء مما فقد جراء ما حصل تحت مسمى العودة الوهمية ، مستندين على ما ستدفعه المانيا حتماً و ذلك في فترة حكم ريمون بوانكاريه فتطبيق معاهدة فرساي كان جل ما يريدونه بحيث كانت النية لديه غالبة لاحتلال أكثر المناطق ثروة و غنى في ألمانيا و هي منطقة الرور في كانون ثاني 1923 إذ تم إبعاد فرنسا و عزلها من الناحية الدبلوماسية هذا الأمر تمخض عنه خسارة بوانكاريه انتخابياً و فوز كارتر الذي عبر عن رغبته بالرجوع المطلق إلى العلمانية إذ تبوأ وزارة المالية آنذاك إدوار هيربوت الذي كان يشغل منصب رئاسة مجلس إدارة البنك لسياسة التقشف التي نحا نحوها، ومحاولاته إعادة الحياة للفرنك كخطوة لاحقة لما حققه من نجاح في الحصول على سندات تمتد لأوقات ذات مدى بعيد تشمل ما يقارب المئتي عائلة من أكثر عائلات فرنسا ثراءً
و في الحديث عن
العملة الفرنسية أثناء
الحرب العالمية الثانية
:
لم تكن العملات النقدية الفرنسية مستقرة وثابتة في فترة الحرب التي خاضتها ألمانيا ضد الحلفاء التي امتدت بين تموز 1940 و آب 1944 بل كانت في حالة تحول و تغير دائم ما لبثت فرنسا إثر حصول الولايات المتحدة على الاستقلال أن تبنت عملة لامغوت و تساوي مائة فرنك فرنسي إضافة إلى عملة العلم المساوية لخمس فرنكات الذي تم طباعته في الولايات المتحدة و استبدل بما كان تحت الوصاية الألمانيا من عملات ، إلا أن رئيس حكومة فرنسا المؤقت الجنرال ديغول لم يقبل التعامل بها تحت حجة أنها مزيفة أما
الفرنك الحديث
:
فقد اتخذ رئيس الحكومة الفرنسية المؤقت (ديغول) قراراً في شهر حزيران 1958 يقضي العمل على ترميم بنيتي الدولة الاقتصادية و الدستورية إذ عمد إلى تكليف كل من الخبير الاقتصاد ( جاك دوف) و وزير المالية (أنطوان بياني ) أن يضعا الفرنك الثقيل بعد الحرب العالمية الثانية بشكل مواز لخفض قيمة الزيادة بسبعة عشرة فاصلة خمسة بالمائة والسابعة إذ أطلق عليه (فرنك بيناي) في الفترة ذاتها أحياناً و أوقاتاً أخرى ب (فرنك دي غول) لأن أتى الوقت الذي تم به صقل فكرة باسكال ماري لتجديد عملة الفرنك في 27 كانون أول 1958، إذ تم إصدار عملات وسندات حديثة في 1 كانون ثان 1960، لتصدر بعدها العملة المعروفة (الفرنك) في عام 1963 .
كخطوة لاحقة لعبور العملة النقدية الفرنسية (الفرنك) في عدة أدوار عظيمة نتيجة العديد من الهبات الحربية والسياسية انطلاقاً من -آشوفال- إلى الفرنك المصنوع من الذهب وثقيل الوزن إلى -آبيي- وصولاً إلى الفرنك الحديث كخطوة سابقة لانضمامه إلى اليورو ، و نتيجة لخضوع الفرنك للسلطات الفرنسية تم تبنيها من قبل عدد من البلاد وإلى اليوم استمر تبني البعض للفرنك مع أنها أعلنت بشكل صريح حل ارتباطاتها العسكرية و دخولها كعضو في التشكيلة الموحدة الأوروبية بشكل مشابه للفرنك الإفريقي الذي بقي ممتناً لهذه العملة النقدية التي انتمى إليها كل من الكاميرون ،البنين ،ساحل العاج ، بوركينا فاسو ،النيجر ،مالي ،تشاد ،طوغو والسنغال وطوغو ، فالدول هذه جميعها خاضعة للفرنك الأفريقي في حين تعمد أكثر من دولة إلى التعامل مع الفرنك لأنها تنسب إلى الدول تلك على نحو مشابه للرواندا والكونغو ، أما ما يخضع لفرنسا من دول كالمدغشقر فإن الفرنك بقي العملة الرسمية فيها في حين تتعامل دولة بولينزيا الفرنسية، كاليدونيا الحديثة ،والس و فوتونا بالفرنك ،في الوقت الذي عمدت بعض المستعمرات القديمة التي كانت تابعة لفرنسا كالجزائر وتونس إلى التخلي في تعاملاتها عن الفرنك منذ لحظة تحررها من الاحتلال الفرنسي .