“عمران بن الحصين” شبيه الملائكة
هو الصّحابي عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الذي أسلم عام 7 هجريًّا عام غزوة خيبر، وكنيته أبو نجيد، وسكن البصرة.
فضل عمران بن حصين:
أبلغ عمران بن حصين لصاحبه مطرف بن عبد الله في فراش مرضه أنّه كانت تسلّم عليه الملائكة، وأوصاه أنّه إن عاش كتَم عنه، وإن لقي ربّه أن يحدّث به إن رغب.
شهد عمران بن حُصين عددًا من الغزوات، وكان من فقهاء البصرة، ومن خيرة فضلائها. انقطع عنّه سلام الملائكة حين اكتوى بالنّار، ثم عادوا يراجعونه بالسّلام قبل موته.
وطلب أن يُعفى من تولّي إمارة البصرة حين استقضاه عبد الله بن عامر عليها فعفا عنه. كما اعتزل بن حُصين الفتنة ولم يحارب مع عليّ بن أبي طالب. وأخبر عنه الحسن البصريّ وابن سيرين أنّه لم يطأ البصرة رجلٌ من أصحاب النبيّ خيرٌ من عمران وأبي بكر.
قوّة حجّته ورجاحة عقله:
ورَد عنّ الحبيب المالكي أن رجلًا قال لابن حُصين: أما أنّكم لتحدّثوننا بالأمر لا نجدُ له ما يأصّله في كتاب الله.
فغضب بن حُصين وقال: أقرأتَ القرآن؟، قال: نعم فعلت، قال: أفوجدَت فيه المغرب ثلاثًا، والعشاء أربعًا، والعصر أربعًا، والصّبح اثنين؟
قال: لا، قال: فعمّن اُخذتموه؟ أليس عنّا أصحاب رسول الله؟ أفتجدون في القرآن ” وليطّوفوا بالبيتِ العتيق” أن طوفوا سبعًا وصلّوا اثنين خلف المقام؟ فعمّن أخذتموه؟ أليس عنّا أصحاب رسول الله؟ أفتجدون في القرآن لا جنب ولا جلب ولا شغار في الإسلام؟
قال: لا، قال: أرأيتم أنّ الله يقول لأقوامٍ في كتابه (وقرأ من “ما سلككم في سقرٍ” حتّى بلغ ” فما تنفعهم شفاعة الشّافعين”).
قال حبيب: أنا سمعتُ عمران يقولُ الشّفاعة.
بكاء النّبي من أحد مواقف عمران بن الحُصين :
جاءت قريش إلى الحُصين طالبين منه أن يُكلّم رسول الله، فإنّه قد بلغ أن يسبّ آلهتهم. فقام إلى النّبي مع نفرٍ من قريش، فلمّا رآه النّبي عليه السّلام قال لأصحابه ” أوسعوا للشّيخ “. وقد كان عمران بن الحصين بين أصحاب النّبي.
فلما جَلسَ الحصين إلى النّبي قال: ” بلغنا أنّك تسبُّ آلهتنا وتذكرهم؟ وقد كان أبوك الحصين خيرًا
قال النّبي: ” يا حُصين، إن أبي وأباكَ في النّار. يا حُصين كم تعبدُ من إله؟”،
قال: سبعةً في الأرض، وواحدًا في السّماء.
قال:”فإذا مسّك ضرٌ، فمن تدعو؟”،
قال: أدعو الذي في السّماء،
قال: “فإذا هلك مالُك، من تدعو؟”
قال أدعو الذي في السّماء.
قال: “فيستجيبُ لك وحده، وتُشركهم معه؟ أرضيته في الشّكر أم تخشى أن يغلب عليك؟”
قال: لا هذا ولا هذا.(يقول وقد علمتُ أنّي لم أحدّث مثله قطّ)،
قال: “يا حصين، أسلِم تسلَم”
قال: إنّ لي قومًا وعشيرةً، فماذا أقول؟،
قال: ” قل اللهم إنّي استهديكَ لأرشدِ أمري، فزدني علمًا ينفعني” فقالها حُصين، وأسلَم، فقام إليه عمران وقبّل رأسه ويديه ورجله .فبكى من ذلك النّبي وقال: “بكيتُ من صنيع عمران، دخل حُصين وهو كافر فلم يقم إليه ولده، ولم يتلفت ناحيته، فلمّا أسلم قضى حقّه. فأصابني من ذلك الرّقة.”
ولمّا أراد الحُصين الخروج، قال النّبي لأصحابه: قوموا فشيّعوه لبيته، فلما خرج عرِف قريش بإسلامه، وقالوا صبأ وانصرفوا.
روايته للحديث عن النّبي:
نقل عمران بن الحصين عن النّبي عدّة أحاديث، وهي:
– ” لا أركب الأرجوان، ولا ألبسُ المعصفر، ولا ألبس القميص المُكفّف بالحرير. ألا أنّ طيب الرّجال ريحٌ لا لون له، ألا وطيب النّساء لونٌ لا ريحَ له”
– عن عمران أنّه النّبي رأى رجلًا لم يصل جماعةً، فسأله النّبي: يا فلان ما منعك الصّلاة مع القوم؟، فقال الرّجل: قد أصابتني جنابةٌ ولا ماء. قال النّبي:”عليك بالصّعيد فإنّه يكفيك”.
– وعنه أيضًا أنّه صلّى مع عليّ بن أبي طالب يومًا بالبصرة، فقال: ذكّرنا هذا الرّجل صلاةً كنّا نصلّيها مع النّبي، وذكر أنّه كان يُكبّر كلما وضع ورفع.
ربانيّته وسعة علمه:
كان عمران بن حُصين رجلًا غزير العلم فقيهًا ربّانيًا. وقد كان من فضلاء فقهاء البصرة، وبلغ من الرّبانيّة وزكاة النّفس أنّ الحفظة كانت تسلّم عليه، وهي درجة لا يبلغها إلا عبدٍ ذي حظٍّ من العلم البالغ بالله.
وقد كان عظيم الأثر في نفوس وعقول طلّابه، وقد ترك فيهم أثرًا وعلمًا كبيرًا، وأهمّهم: بلال بن يحيى، وأبو قتادة، وثابت بن أسلم، والحبيب بن أبي فضلان.
وفاته:
توفّي عام 52 من الهجرة. بلغ عن ابنته أنّه لما حضرته المنية قال: إذا متّ فشدّوا على سريري بعمامتي، فإذا رجعتم فانحروا وأطعموا.