التعايش بين الأديان
مفهوم التعايش بين الأديان
التعايش كمفهوم هو في الأساس يعني التعاون وهو مفهوم يقوم على أساس الثقة والاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات المختلفة والذي يكون هدفه هو تحقيق تلك الغايات التي يتفق عليها الطرفان المختلفان أو حتى مجموعة الأطراف التي ترغب في التعايش بل أنها تقوم باتباعه وتنفيذه عن اقتناع لديها وبكامل رغبتها وباختيارها الكامل ، حيث قد أتت العديد من المشاكل والأمور لتساهم في حدوث الخلافات أو الصراعات بين البشر في هذا العصر على الرغم من التقدم الحضاري والتكنولوجي بل الفكري الخاص بالبشر ، حيث زادت معدلات الجريمة والإلحاد والانحلال الثقافي والخلقي وتفكك الأسر بينما الأغرب أن يأتي ذلك مع وجود أساس المفترض أنه قوي للغاية وهو وجود الأديان التي تعمل وتنظم حياة البشر وترفع من شانهم وتقومهم إلا أن للأسف الشديد لم تستطيع الوصول إلى تحقيق اتفاق وتراضي وسلام ومعايشة مجتمعية مع بعضها البعض إذاً فمفهوم التعايش هو نوع من أنواع التعاون المشترك والإيجابي والذي يهدف إلى إيجاد تلك الأسس القوية والأرضية المشتركة التي تتفق عليها كل أطراف الديانات المختلفة وهو من المفروض أن يتم عن طريق اقتناع داخلي نابع من البشر أنفسهم بل عن رضا كامل وإيجابي منهم .
تعريف التعايش بين الأديان
حيث يقوم على أساس التعريف بمبادئ كل ديانة بل والدفاع عن تلك المبادئ والعمل على مكافحة الفوارق وصيانة الحقوق كلها بالنسبة لكل طرف منهم ، و بل يؤكد على أهمية التعايش فيما بينها بسلام كامل ودون صراعات أو خلافات دينية أي إبراز النقاط المشتركة لكل منها مع الاقتران مع تلك المنظومة الخاصة بالقيم الإنسانية والبشرية الرائعة والشديدة الرقي مثل التسامح والمحبة وضمان حقوق الآخرين وسلامتهم الشخصية ، إذاً فمفهوم التعايش بين الأديان هو من المفترض أن يكون ذلك التعايش الكامل والحقيقي بكل أبعاده ولا يقتصر على مبدأ الدين فقط لا غير بل يشتمل مفهوم التعايش بين الأديان على التعايش الثقافي والحضاري والإنساني كما أنه يسعى بكل كمال إلى خدمة تلك الأهداف والأمور السامية التي يهدف إليها الإنسان من الأساس كالعيش في سلام ودون صراعات بأي من أشكالها كما لابد لمفهوم التعايش بين الأديان أن يقوم على عدة مبادئ لا يمكن تجاوزها أو الاقتراب منها لأن أي نقص فيها يعني خلل في التطبيق لمفهوم التعايش بين الديانات
أهداف التعايش بين الأديان
:
– يوجد عدد من تلك الأهداف التي ينشدها مبدأ التعايش بين الأديان ومنها :-
أولاً :-
التعايش بين الأديان هو مفهوم متكامل من شتى النواحي الخاصة بالحياة .
ثانياً :
– يسعى إلى تحقيق تلك الأهداف والأمور الأشد رقياً وسامية والتي يسعى إليها الإنسان دائماً .
ثالثاً :-
العمل على استبعاد كل كلمة قد تمس عظمة الخالق علاوة على عدم السماح بأي حال بتلقيب الله عز وجل أو السخرية منه .
رابعاً :
– التفاهم الراقي والتعايش الإيجابي بين جميع الاتجاهات الدينية والتي هي في الأساس يربطها أرضية مشتركة من المفاهيم .
خامساً :-
السعي إلى تحقيق التعاون المشترك في العمل من أجل تحقيق تلك الأهداف المنصوص عليها .
سادساً :-
العمل على نشر ثقافة الاحترام المتبادل للأخر والثقة فيه .
سابعاً :-
يشتمل التعايش بين الأديان العمل المنسق والمشترك لمحاربة الإلحاد والانحلال الثقافي و انحراف الأطفال والمشاركة في كل تلك الآفات والأمراض التي تتهدد سلامة الفرد والجماعة وتضر الجميع .
ثامناً :-
العمل على حل أسباب أي توتر أو اضطراب للأمن والسلام الشخصي وعدم الاستقرار في أنحاء عديدة من العالم مثل البوسنة والهرسك وفلسطين والعراق وسوريا و إقليم كوسوفو وكشمير والفلبين وأيضاً كثير من المناطق في قارة أفريقيا يجب أن يكون مفهوم التعايش السلمي داعماً لجهود المجتمع من أجل تحقيق السلام وإقامة تلك المجموعة من العلاقات السليمة بين الشعوب والأمم في ظل السيادة للقانون الدولي .
تاسعاً :-
التعايش يجب أن يكون توجهه بشكل رئيسي إلى أنصاف المظلومين والمقهورين في الأرض جميعاً وبدون تمييز بينهم أو استثناء لأي طرف منهم وإلزام كل الأطراف سواء كانوه أشخاص أو جماعات أو دول على احترام كل أحكام القانون الدولي وتعاليم الأديان السماوية .
التعايش بين الأديان في الاسلام
:-
الدين الإسلامي هو ذلك الدين الذي أكد على حقوق الجميع بل كان تحقيق المساواة من أهم أهدافه والحفاظ على الحقوق المتساوية لكل البشر وعلى احترام ديانة الأخر وعدم الاقتراب من أماكن عبادته سواء بالهدم أو غيره من أمور الاعتداء بل حافظ على حقوق غير المسلم وأوصى بهم وبرعايتهم ومساواتهم في كل الحقوق البشرية مع المسلمين فالتاريخ الإسلامي ملئ بكل صور التعايش بين الأديان في سلام ورخاء وبدون عنصرية و حيز أو اعتداء على الأخر فالدين الإسلامي هو دين التعايش بين الأديان .
آيات قرآنية حول التعايش بين الأديان
1- “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ” سورة يونس 99
في هذه الآية يقول الله عز وجل إن لديه حكمة في اختلاف الناس وعقائدهم وانتمائهم للأديان والمذاهب المختلفة وضرورة عدم إكراه (إجبار) أي منهم على الإيمان به.
2- “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” سورة الممتحنة 8
في هذه الآية البليغة يدعو الله تعالى المسلمين إلى البر والتعامل بالعدل (القسط) مع غير المسلمين، خاصة في وقت السلم وعدم إعلان هؤلاء العداوة مع الإسلام والمسلمين.
3- “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”
سورة العنكبوت
46
في هذه الآية أيضا، ضرورة التعامل بإحسان مع أهل الكتاب من أصحاب
الديانات السماوية
وإشارة واضحة إلى وحدة الإله ووجود العديد مما يجمع بيننا وبينهم.
4- “قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”
سورة البقرة
136
إشارة هامة إلى ضرورة إيمان المسلم بالرسل السابقين عن محمد صلى الله عليه وسلم وضرورة احترام ما أنزل إليهم من نصوص مقدسة. [1]