لنا أبدا بث نعانيه من أروى – الشاعر البحتري
لنا أبدا بث نعانيه من أروى – الشاعر البحتري
لَنَا أبَداً بَثٌّ نُعانيهِ من أرْوَى،
وحَزْوَى، وكم أدنَتْكَ من لوعةٍ حزْوَى
وَمَا كانَ دَمعي قَبلَ أرْوَى بنُهْزَةٍ
لأدْنَى خَليطٍ بانَ أوْ مَنزِلٍ أقوَى
حَلَفْتُ لَهَا أنّي صَحيحٌ، سِوَى الذي
تعَلَّقَه قَلْبٌ مَرِيضٌ، بهَا يَدْوَى
وأكثرْتُ من شكوَى هَوَاها، وإنّما
أمارَةُ بَرْحِ الحبّ أنْ تَكثرَ الشّكْوَى
وَكنتُ وَأرْوَى، والشّبابُ عُلالَةٌ
كنَشْوَانَ من سُكْرِ الصّبابَةِ أوْ نَشْوَى
وَقَدْ زَعَمَتْ لا يَقربُ اللّهوَ ذو الحجى،
وَقد يَشهَد اللّهوَ الذي يَشهُد النّجوَى
وَإنّي، وَإنْ رَابَ الغَوَاني تَماسُكي،
لمُسْتَهتَرٌ بالوَصْلِ منهُنّ مُستَهوَى
سَلاَ عَنْ عَقابيلِ الشّبابِ وَفَوْتِهَا،
أطارَتْ بِهِ العَنْقَاءُ أمْ سَبَقَتْ جَلوَى
كأنّ اللّيالي أُغرِيَتْ حَادِثَاتُهَا
بحُبّ الذي نأبَى، وَكُرْهِ الذي نَهوَى
وَمَنْ يَعْرِفِ الأيّامَ لا يَرَ خَفْضَهَا
نَعيماً، وَلاَ يَعْدُدْ تَصَرّفَها بَلوَى
إذا نشرت قدام رائدها ثنت
مواشكه الإسراع من خلفه تطوى
لَقَدْ أرْشَدَتْنَا النّائِبَاتُ، وَلَمْ يَكُنْ
ليُرْشَدَ، لَوْلاَ ما أرَتْنَاه، مَنْ يَغوَى
إذا نَحْنُ دافَعنا الخُطوبَ بذي الوِزَا
رَتَينِ شَغَلْنَاهُنّ بالمَرِسِ الألْوَى
بأزْهَرَ تُنْسي الشّعْرَ أخْبَارُ سُؤدَدٍ
له لا تَزَالُ الدّهْرَ تُؤثَر أو تُرْوَى
مَكارِمُ ما تَنفَكُّ مِنْ حَيثُ وُجِّهَتْ
تَرَى حاسِداً نِضْواً بآلائِها يَضْوَى
ملقى صواب الرأي بغت بديهة
ومنهم مخل بالصواب وقد روى
لَهُ هِمّةٌ، أغْلَى النّجُومِ مَحَلّةً
مَحلٌّ لها، دونَ الأماكنِ، أوْ مَثوى
وَقَد فُتحَ الأفْقَانِ عن سَيفِ مُصْلِتٍ،
لَه سَطَوَاتٌ ما تَهُرُّ وَمَا تَعْوَى
مُغَطًّى علىِ الأعداءِ لا يَقْدُرُونَهُ
بعَزْمٍ، وَقَدْ غَوّى من الأمرِ ما غَوّى
تَعَلّى عَنِ التّدبيرِ، ثمّ انتَحَى لهُمْ
بهِ وَرَمَى بالمُعْضِلاتِ فَما أشوَى
إذا ما ذَكَرْنَاهُ حُبِسْنا، فَلَمْ نُفِضْ
له في نَظيرٍ في الرّجالِ، وَلا شَرْوَى
بَلى، لأبي عيسَى شَوَاهدُ بارِعٍ
من الفَضْلِ ما كانَ انتحالاً ولاَ دعْوَى
نُمَيِّلُ بَينَ البَدْرِ، سَعداً، وَبَيْنَهُ،
إذا ارْتَاحَ للإْحسانِ، أيُّهمَا أضْوَا
وَمَا دُوَلُ الأيّامِ، نُعْمَى وأبْؤساً،
بأجْرَحَ في الأقْوَامِ مِنه، وَلا أسوَا
سُقِينَا بسَجْلَيْهِ، وَكانَ خَليفَةً،
من الغَيْثِ، إنْ أسقَى بِرَيّقِهِ أرْوَى
فأرْضٌ أصَابَتْ حَظَّها مِنْ سَمائِهِ،
وأرْضٌ تأيّا الشُّرْبَ أوْ تَرْقبُ العدوَى
وَوَادٍ منَ المَعْرُوفِ عندَكَ، لمْ يَكُنْ
مُعَرَّجُنَا مِنهُ عَلى العَدْوَةِ القُصْوَى
إذا ما تَحَمّلْنا يداً عَنْهُ، خِلْتَنَا،
لنُقْصَانِنَا عَنْهَا، حمَلنا بها رضْوَى
أجِدَّكَ إنّا والزّمانَ كَما جَنَتْ
على الأضْعَفِ المَوْهونِ عاديةُ الأقْوَى
مَتَى وَعدَتْنَا الحَادِثاتُ إدالَةً،
فأخْلِقْ بذاكَ الوَعدِ مِنهُنّ أنْ يُلوَى
لَئِنْ زُوِيَتْ عَنّا الحُظُوظُ، فَمِثْلُها،
إذا خسّ فعلُ الدّهرِ، عن مِثلِنا يُزْوَى
إذا قُلتُ أجْلَتْ سَدْفَةُ العيشِ عارَضَتْ
شُفافاتُ ما أبَقّى الزّمانُ وما أتْوَى
مَغَارِمُ يُسلَى في تَرَادُفِهَا الصِّبَا،
وَيُتْلَفُ في أضْعافِها الرَّشأُ الأحوَى
يَظَلُّ رَشيدٌ، وَهْوَ فيها مُعَلَّقٌ
على خَطَرٍ في البَيْعِ، مُقترِبِ المهوَى
إذا حَلّ دَينٌ مِنْ غَرِيمٍ تَضَاءَلَتْ
له مِنّةٌ تَرْتَاعُ، أوْ كَبِدٌ تَجْوَى
وَقَدْ سَامَ طَعمَ المنِ ذَوْقاً فَلَمْ يجدْ
بِهِ المَنَّ مَرْضِيَّ المَذَاقِ، وَلاَ السَّلْوَى
أسفتُ لغَضّاتٍ منَ الحُسنِ شارَفَتْ
لذُعْرِ الفِرَاقِ، أنْ تَغَيَّرَ، أو تَذوَى
وَقُلْتُ، وَقَدْ هَمّتْ خَصَائِصُ بَيْنِنَا
منَ الوِدّ أنْ تُمنَى لغَيرِيَ أوْ تُحوَى:
لَعَلّ أبَا عيسَى يَفُكُّ بِطَوْلِهِ
رِقاباً من الأحبابِ قد كَرِبتْ تَتْوَى
وَمَا شَطَطٌ أنْ أُتْبِعَ الرَّغْبَ أهْلَهُ،
وأنْ أطلُبَ الجَدوَى إلى وَاهِبِ الجدوَى
دَنانيرُ تُجزَى بالقَوَافي، كأنّما
مُمَيِّزُها بالقَسْمِ عَدّلَ، أوْ سَوّى
إذا ما رَحَلْنَا يَسّرَتْ زَادَ سَفْرِنَا،
وإمّا أقَمْنا وَطّتِ الرّحلَ والمأوَى
وَيَكْفيكَ في فَضْلِ الدّنانيرِ أنّهَا،
إذا جُعلَتْ في الزّادِ، ثانيَةُ التّقوى