إليك ما أنا من لهو ولا طرب – الشاعر البحتري

إليك ما أنا من لهو ولا طرب – الشاعر البحتري

إلَيكِ ما أنَا مِنْ لَهو، ولاْ طَرَبٍ،
مُنيتِ مِنّي بقَلْبٍ غَيرِ مُنقَلِبِ
رُدّي عليّ الصّبَا، إنْ كنتِ فاعِلَةً،
إنّ الهوَى لَيسَ من شأني وَلا أرَبي
جاوَزْتُ حَدّ الشّبابِ النّضرِ، مُلتَفِتاً
إلى بَناتِ الصّبَا يَرْكضْنَ في طَلَبي
وَالشّيبُ مَهرَبُ مَن جَارَى مَنيّتَهُ،
وَلا نَجَاءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الهَرَبِ
وَالمَرْءُ لوْ كانتِ الشّعرَى لهُ وَطَناً،
حطّتْ علَيهِ صرُوفُ الدّهرِ من صَببِ
قَد أقذِفُ العِيسَ في لَيلٍ، كأنّ لَهُ
وَشْياً منَ النَّورِ أوْ أرْضاً من العُشُبِ
حتّى إذا ما انجَلَتْ أخرَاهُ عَن أُفُقٍ
مُضَمَّخٍ بالصّبَاحِ الوَرْدِ مُختضَبِ
أوْرَدتُ صَادِيَةَ الآمَالِ، فانصَرَفتْ
برَيّها، وَأخَذتُ النُّجحَ من كَثَبِ
هاتيكَ أخْلاقُ إسمَاعيلَ في تَعَبٍ
منَ العُلا، وَالعُلا منهُنّ في تَعَبِ
أتعَبتَ شكرِي فأضْحى منكَ في نَصَبٍ،
فاذهَبْ فَماليَ في جَدوَاكَ منْ أرَبِ
لا أقْبَلُ الدّهْرَ نَيْلاً لا يَقُومُ بهِ
شكرِي، وَلوْ كانَ مُسديهِ إليّ أبي
لَمّا سألتُكَ وَافَاني نَداكَ عَلى
أضْعافِ ظَنّي، فلَمْ أظفرْ وَلم أخِبِ
لم يخط مأبض خلسات تعمدها
فشك ذا الشعبة الطولى فلم يصب
لأشكُرَنّكَ، إنّ الشّكْرَ نَائِلُهُ
أبقَى على حَالَةٍ مِنْ نَائِلِ النَّشَبِ
بكُلّ شاهِدَةٍ للقَوْمِ غَائِبَةٍ
عَنهُمْ جَميعاً، وَلمْ تَشهَدْ وَلمْ تَغِبِ
مَرْصُوفَةٍ باللآلي مِنْ نَوَادِرِهَا،
مَسبُوكَةِ اللّفظِ وَالمَعنَى من الذّهبِ
وَلمْ أُحابِكَ في مَدْحٍ تُكَذِّبُهُ
بالفِعلِ منك، وَبعضُ المدحِ من كذِبِ