متى يحدث المد والجزر ؟
يعد المد والجزر من الظواهر الطبيعية الكونية التي خلقها الله على كوكب الأرض، الكوكب الوحيد الذي ينبض بالحياة، وتتم هذه الظاهرة بارتفاع وانخفاض منسوب مياه البحر بطريقة دورية، وتنشأ هاتان الظاهرتان بفعل قوى الجاذبية الأرضية، وهى القوة التي تقوم بجذب الأشياء إلى الأرض، فكل الأجسام الكونية لها ثقل وكتلة تجتذب إلى الأرض بفعل الجاذبية الأرضية، وأيضاً بفعل قوة يطلق عليها قوة الطرد المركزي وتلك القوة تتحقق عند دوران الأجسام فتعمل هذه القوة على طرد هذه الأجسام بمنأى عن مركز الدوران، وكمثال على ذلك عندما نركب حافلة ما وتسير بسرعة في طريق دائري فنشعر بأننا سوف نخرج بقوة بعيداً عن مركز الدوران، وهما ينتجا بفعل قوة الجاذبية التي تحدث بين الأرض والقمر، وبين الأرض والشمس أيضاً، ولكن السبب الأقوى والأكثر فعالية في حدوث المد والجزر هو الجاذبية بين الأرض والقمر، ويرجع تفسير هذا الحدث إلى دنو القمر من الأرض، بينما تنأى وتبتعد الشمس عن الأرض فيكون تأثير القمر أكبر من تأثير الشمس في إحداث هاتين الظاهرتين الكونيتين، ولكن للشمس دوراً آخر ألا وهو المساعدة في شدة أو انخفاض شدة ظاهرتي المد والجزر.
متى يحدث المد والجزر
فحين يكون القمر قريباً من المسطحات المائية تحدث ظاهرة المد بناءً على ارتفاع مستوى سطح الماء، وحينما ينأى القمر عن المسطحات الأرضية على وجه الأرض تحدث ظاهرة الجذر بناءً على انخفاض مستوى سطح الماء، بينما تلعب الشمس دوراً آخر في إضعاف أو قوة ظاهرتي المد والجزر، فحينما تكون الشمس والأرض والقمر واقعين على خط طول واحد تزيد حدة ظاهرة المد والجزر، بينما في حالة ابتعاد الشمس عن خط الطول الواحد مكونة مثلث قائم الزاوية مع الأرض والقمر في هذه الحالة يوهن ذلك من قوة ظاهرة المد والجزر، وحينما يكتمل القمر أو حدوث كسوف تصبح ظاهرة المد والجذر في عنفوانها، ويصل ارتفاع مستوى الماء إلى أقصى حد له عند ذاك.
ووفقاً لقوة الطرد المركزي والتي تؤثر في المسطحات المائية على وجه الأرض طوال اليوم بما يعادل مرتان في اليوم الواحد على مسطح مائي واحد، حيث تتناوب ظاهرتي المد والجزر مرتين بالتعاقب خلال اليوم الواحد وفقاً للتوقيت القمري والذي يعادل أربعة وعشرون ساعة وخمسون دقيقة مما ينتج عنه حدوث المد في المرة الأولى وذلك لفترة تعادل ستة ساعات واثنا عشر دقيقة بالتقريب، ثم بعد ذلك يحدث الجذر في المرة الثانية وذلك لفترة تعادل الفترة الأولى وهكذا، ويتعاقب المد والجذر مرة كل اثنا عشر ساعة “نص يوم” تبعاً لدوران الأرض حول نفسها.
ويأتي المد والجذر بقوى مختلفة في مناطق الأرض المتعددة، فهو غير متساوي أو متعادل في القوة في كل مرة، بل يختلف فقد يأتي في أوقات معينة بارتفاع أو انخفاض لا يزيد على بضعة سنتيمترات مرة، ومرة أخرى قد يصل هذا الارتفاع أو الانخفاض إلى أمتار عديدة وذلك باختلاف سطح الأرض، فعلى سبيل المثال: في كندا قد يصل المد إلى أكثر من خمسة عشرة متراً، بينما في البحر الأبيض المتوسط لا يزيد الحال عن أربعون سنتيمتر فقط.
وتعتبر ظاهرة المد معاكسة ومناقضة لظاهرة الجذر، والعكس صحيح، وهما ظاهرتان يتسمان بالاتصال والتعاقب، وتسمى ظاهرة المد “Tide” بينما تسمى ظاهرة الجذر “Epp”، ولهذه الظاهرة الكونية الطبيعية فوائد جمة ومنها تنقية مياه البحار والمحيطات والأنهار من الملوثات الموجودة على الشواطيء، وتعمل على تيسير ولوج السفن داخل الميناء، وفي بعض البلاد تم استخدام هذه الظاهرة في والاستفادة منها في عملية طحن الحبوب، وقد أقاموا الطواحين على سواحل البحار والأنهار هناك، وفي أيامنا المعاصرة تستخدم ظاهرة المد والجذر في توليد الطاقة الكهربائية، بحيث يعمل الماء المتدفق على تشغيل توربينات توليد الكهرباء وتحريكها، وهذه الطاقة الناتجة من الطبيعة تعد من مصادر الطاقة النظيفة المتجددة.
وبالرغم من ذلك يكون هناك تخوف من ظاهرة المد وذلك بالنسبة لسكان المدن الساحلية، والخطر الذي قد يصيب أصحاب المراكب وحركة الملاحة في تلك المدن، ولكن يمكن تجنب هذا التخوف من خلال معرفة الأجواء ومتابعة نشرة الأرصاد الجوية والعمل على تحذير المصطافين وسكان المدن الساحلية عند اقتراب حدوث مد.