ما علاقة صحيفة الرياض السعودية بالتضليل الإعلامي في ألمانيا ؟
الكل يعلم أن التضليل و الضجة الإعلامية يتخذان من الإنترنت سرا لهما. لكن ما لا يعرف الناس هي الطريقة التي يعمل بها هذا النوع من الإعلام، و مدى سرعته في الانتشار لتضليل الناس. و كنموذج على ذلك قام موقع ألماني اسمه ” Politically Incorrect ” بالتزامن مع شهر رمضان بنشر خبر كاذب، مفاده أن المستشارة أنجيلا ميركل قامت في شهر رمضان بإعفاء أحد المطاعم من دفع الضرائب حتى يستطيع المسلمين شراء الطعام بأرخص ثمن في شهر رمضان.
و تحاول هذه الحملة أن تظهر للقراء أن المستشارة و حكومتها كريمان أكثر من اللازم مع اللاجئين المسلمين تأكيدا لأكثر الأفكار الغير منطقية. و يبدو أن الطريقة قد نجحت في ذلك على الأقل في التأثير على جمهور الموقع، حيث توجد مجموعة من الانتقادات و الإهانات الموجهة لميركل و سياسات اللاجئين في الحكومة الألمانية.
أما الموقع الذي نشر الخبر فهو يقدم نفسه على انه بوابة إخبارية “خارج التيار”، لذلك فهو يستطيع أن يجذب انتباه الأفراد الغير راضين عن سياسة اللاجئين في الحكومة الألمانية. و طلة سريعة في الموقع ستوضح لك أنه يدعم نشاطات حركة بيغيدا التي تعتمد مبدأ الخوف من الأجانب و فروعها الإقليمية. في المقابل يقوم أنصار الموقع بمجهود كبير لإخفاء هويتهم، كما يدعمون من جهة أخرى اليمين و المتطرفين و جماعات الإسلاموفوبيا.
“
مشكوك في أمره
“
أما مؤلفو الجريدة فهم مجهولو الهوية ما يؤكد ارتيابهم من التقرير الذي قاموا بنشره. و في المقال ذكر “لم يتم تحديد نوع الضرائب المعني بأمره بالضبط هنا” إضافة إلى أن التقرير يفتقر إلى التفاصيل الدقيقة الضرورية. و عموما فإن خبر كهذا يفيد بأن المستشارة تمنح تنازلات خاصة لفئة معينة مستغلة سلطتها هو خبر مشكوك في أمره. لكنهم رغم ذلك ذكروا نظرية المؤامرة في فكرة أن ميركل اتخذت طريقة واضعة نفسها فوق القانون و القوة، لتأتي بمن تريد من المواطنين الجدد للبلاد، و هو ما جعلهم يستنتجون أنها من الممكن أن تكون تنازلت عن الضرائب كذلك مدعيا أن التقرير منشور بكامل الحرص و التحفظات.
و بدل التأكد من صحة التقرير قبل نشره قام الموقع الألماني بالاستدلال بتقرير على النسخة الإنجليزية لموقع ” Morocco World News ” ثم ترجع للإشارة إلى النسخة العربية لإذاعة الخارجية الروسية التي لا تمثل مصدرا للتقرير كذلك، ثم تشير بعدها إلى
جريدة الرياض
السعودية. ليس لشيء سوى لإثارة الشكوك. فكيف لجريدة سعودية أن تعلم بالضرائب الألمانية أكثر مما يعرفه الإعلام الألماني؟ و الحقيقة أن موقع الرياض لم يعرض أي تقرير من هذا النوع عن إعفاء ضريبي خاص بشهر رمضان في ألمانيا.
“
تضليل مزدوج
“
و رغم ما بذله هذا الموقع لتوريط الرياض في الخبر، غير أن التقرير يبدو في البداية أنه قد انتشر عن طريق RT التي تستهدف حملة تضليل القراء العرب، و خاصة مستخدمي الإنترنت الألماني. حيث تصور للقراء العرب أن ألمانيا أكثر جمالا للمسلمين لتشجيع اللاجئين على المجيء للبلد. في الوقت الذي تشير نفس الأكاذيب حفيظة الألمان المعادين للإسلام.
مثلا في خبر آخر لهذه الحملات المضللة ذكر انه إذا تم خلع المستشارة ميركل بسبب أزمة اللاجئين، فإن ألمانيا ستضعف كثيرا باعتبارها كيانا قويا وسط أوروبا، و أن الجبهة المتحدة للإتحاد الأوروبي التي تفرض غرامات على الكرملين ستتصدع. و بهذه الطريقة تتم الدعاية، كأن تعرض معلومة غير صحيحة أو نصف صحيحة و الإشارة إلى مختلف المواقع على أنها مصادر لها حتى يختفي المصدر الأصلي. ليصل هذا الخبر في النهاية إلى المستخدمين الألمان مرفقا بمراجع لوسائل إعلام عالمية، حتى يتم التأثير في أولئك الذين لا يقون في المواقع و الصحف الألمانية و يتأكدوا أن الخبر عالمي فيصدقونه.