ما هو فضل العمرة في رمضان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وآله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين ، أما بعد : نتحدث إليكم في موضوعنا هذا عن ما هو فضل العمرة في رمضان .
فضل العمرة في رمضان ابن باز
أفضل شهر تؤدى فيه العمرة هو شهر رمضان لقول النبي ﷺ:
عمرة في رمضان تعدل حجة
متفق على صحته، وفي رواية أخرى في البخاري:
تقضي حجة معي
وفي مسلم:
تقضي حجة أو حجة معي
-هكذا بالشك- يعني معه عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك العمرة في ذي القعدة، لأن عُمَرَهُ ﷺ كلها وقعت في ذي القعدة، وقد قال سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. وبالله التوفيق. [1]
وكما هو معروف أن الغاية والمقصد من خلق البشر على وجه الأرض من أجل عبادة الله جل وعلا ، لذا فعلينا بالسعي الدائم نحو العبادة لنعيش حياة هنيئة في الدنيا والآخرة . قال تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” .
أمرنا الله عز وجل بالعبادة لنيل رضاه ومحبته ، فالمؤمنون الحق هم الدائمون على الأعمال الصالحة من الصلاة والصيام والزكاة والدعاء ، والتسبيح والاستغفار ، ، والكثير من العبادات بما فيهم العمرة .
قال تعالى : “وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” .
ومن شروط العمرة ، ينبغي توافر شروط العمرة لكل معتمر ، وهي :
أن يكون مسلماً ، بالغاً ، حراً ، عاقلاً راشداً ، مع توافر الاستطاعة المالية .
فضل العمرة في رمضان
العمرة في شهر رمضان لها فضل عظيم ، حيث يضاعف فضلها إلى الحج كمن حج مع النبي صلى الله عليه وسلم . أداء العمرة لها فضل كبير بالحصول على جزيل الأجر والثواب ، كما ينال رضا الله عز وجل ، فيغفر له سبحانه وتعالى ذنوبه . وبالإضافة إلى فضل العمرة الكبير ، إلا أن هذا الفضل يتضاعف ثوابها وأجرها خلال شهر رمضان المبارك .
تتميز ثواب العمرة في شهر رمضان الكريم للكثير من المميزات التي لا يمكن لأي مسلم أن يجني مثل هذه الفضائل إلا خلال شهر رمضان الكريم . شهر رمضان الكريم هو أعظم شهر في السنة والذي تتضاعف فيه الحسنات ، فكما قال ابن الجوزي : “ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت ، وأفضل الأشهر على الإطلاق شهر رمضان نفحة من نفحات الله لأمة محمد” ، كما يقول ابن الجوزي رحمه الله: “شهر رمضان بين الشهور كيوسف بين اخوته ، فكما أن يوسف أحب الأولاد إلى يعقوب؛ كذلك رمضان أحب الشهور إلى علام الغيوب ، وإن كان في يوسف من الحلم والعفو ما غمر جفاهم حين قال {لا تثريب عليكم اليوم} فذلك شهر رمضان فيه من الرأفة والبركات والعتق من النار ما يغلب جميع الشهور . وحين جاء أخوة يوسف معتمدين عليه في سد الخلل وإزاحة العلل ، بعد أن كانوا أصحاب خطايا وزلل ، فأحسن لهم الإنزال ، وأصلح لهم الأحوال ، وبلغهم غاية الآمال ، وأطعمهم من جوع وأذن لهم في الرجوع ، وقال لفتيانه: (اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها) فسد الواحد خلل أحد عشر . كذلك شهر رمضان .
وأهم فضيلة في عمرة هذا الشهر الكريم : أن أداء فريضة العمرة في هذا الشهر العظيم تعادل أدائه لحجة ، ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” العمرة في رمضان تعدِل حجة” ، و كما ورد في رواية أخرى : حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَنَسِيتُ اسْمَهَا : ” مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا الْعَامَ ، قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّمَا كَانَ لَنَا نَاضِحَانِ ، فَرَكِبَ أَبُو فُلانٍ وَابْنَةٌ لِزَوْجِهَا نَاضِحًا ، وَتَرَكُوا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا كَانَ فِي رَمَضَانَ فَاعْتَمِرِي فِيهِ ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً ” .
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما” رواه البخاري ومسلم ، ويوضح الحديث لفضل العمرة من تكفير الخطايا والذنوب الواقعة بين العمرتين .
وصحّ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: “تابعوا بين الحج والعمرة ؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ، والذهب ، والفضة” رواه الترمذي ، ويوضح الحديث الشريف عن دلالة الفضل الكبير للمعتمر من مداومته على أداء مناسك الحج والعمرة ، ولكونهما سبباً شرعياً في زوال الفقر الظاهر (غنى اليد) ، والفقر الباطن (غنى القلب) .
(حديث صحيح) من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . صحيح .
إن ثواب العمرة في رمضان يعدل ثواب الحج لكنه لا يقوم مقامه في إسقاط الفرض . نسأل الله عز وجل بأن يتقبل منا سائر الأعمال وأن يرزقنا عمرة في شهر رمضان الكريم وحجة يارب العالمين .