أقدم مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية بني قبل 120 عاما
ذهب ريتشارد عمر إلى بوابة الجبانة و توقف عند مجموعة من القبور، و بالضبط عند قبر والده الذي وضع عليه الزهور، هذه القبول شاهدة على جزء من التاريخ الأمريكي و تظهر الجبانة برمز الهلال في البوابة و تضم العديد من رفات المسلمين الذين قطنوا في الولايات المتحدة الأمريكية قبل 120 عاما، أما في أعلى التلة فيوجد أقدم مسجد بني في الولايات المتحدة الأمريكية. تم تأسيس أول مسجد في أمريكا من طرف المسلمين من سوريا و لبنان سنة 1929، و عندما تلاشت جنباته و تهدم، قام أبناؤهم بجمع المال رفقة أصدقائهم المسيحيين من أجل بناء مسجد جديد مكانه سنة 2005ـ حسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
رمزاً للتراث الإسلامي
المسجد هو عبارة عن مربع صغير مبني من الطوب الإسمنتي و يصل طول ضلعه إلى 15 قدما و به قبة من الألمونيوم و 4 مآذن. و يوجد هذا المسجد على بعد مئات الأمتار من الطريق الرئيسي السريع في نواحي بلدة لا يتجاوز عدد سكانها 200 نسمة و تبعد حوالي 60 ميلا عن مينوت من الجهة الغربية، أما الأراضي المحيطة فهي أراضي حقول القمح و الذرة و أراضي الرعي. و يوجد هذا المسجد في مكان خالي بعيد عن ضجة داكواتا الشمالية المعروفة بالصناعة و الصخب.
و رغم أن هذا المسجد لا يستعمل لإقامة الشعائر الدينية حتى في شهر رمضان، غير أنه بقي شاهدا على التاريخ و رمزا تراثيا إسلاميا قويا في المنطقة، خاصة بالتزامن مع الجدال السياسي الانتخابي الذي يعتبر المسلمون موضوع جدل فيه. فهذا المسجد المتواجد في تلك البقعة البعيدة شاهد على أن المسلمين كانوا متواجدين في الولايات الأمريكية منذ زمن بعيد جدا و ليس كما يقال أنهم فقط في الأماكن الشعبية لبروكلين و ديربورن و ضواحي شيكاغو.
بحثاً عن حياة جديدة
جاء والد ريتشارد إلى الولايات المتحدة الأمريكية مثل ملايين المهاجرين و في سنة 1920 استقر في “روس” مع 200 مهاجر آخرين و كانت حينها لا تتجاوز 8500 نسمة. و كان والد ريتشارد يمتلك العديد من الأحصنة يعمل بها مع المزارعين على إزالة الحجارة من التربة. و كان عمر والد ريتشارد قد هاجر إلى أمريكا من قرية البيرة في سهل البقاع و هو حاليا موجود في لبنان، وكان يدعى”عبدالله عياش”. و بعد أن جمع المالي من خلال عمله في مصانع هنري فورد انتقل للعيش في روس و ابتاع 120 فدانا في يونيو سنة 1911 و حينها غير اسم العائلة إلى عمر، و استبدل اسم “عبدالله” باسم “ألبرت”.
تظهر الأسماء المنقوشة على القبور مدى الاندماج الذي عاشه المسلمين مع المسيحيين، فبين أسماء جمعة و عمر نجد أسماء عائلات ميلر و هورست ممن جاء بهم الزواج إلى مقابر المسلمين. هناك صورة لزوج امرأة مسلمة يدعى “بنسون” و على القبر و نقشت على قبر أليكس إسماعيل صورة لخدمته العسكرية في الحرب العالمية الأولى. و في جهة أخرى صورة لأبراهام عمر و ه ويرتدي الملابس الأمريكية.
محتويات المسجد
في المسجد توجد سجادة صلاة متجهة نحو الشرق “نحو القبلة” و صور لبعض المقيمين الأوائل م نبينهم والد ريتشارد. رغم ان خيوط العنكبوت غطت الأركان إلا أن وجود هذا المسجد يعتبر معلمة شاهدة على هجرة المسلمين إلى أمريكا بجانب المهاجرين النرويجيين و السويديين و الألمان و البولنديين و اليهود الذين التحقوا بالمجتمع الأمريكي في تلك السنوات.
داخل المسجد توجد سجادة صلاة تتجه نحو الشرق، إلى القبلة، كما توجد أيضاً بعض صور للمقيمين المسلمين الأوائل، منهم والد ريتشارد. قام ريتشارد بإزالة خيوط العنكبوت التي تغطي الأركان. منذ اجتياح العواصف للمنطقة في الثلاثينات من القرن العشرين جفت الزراعات مما جعل المسلمين يتركون المنطقة بحثا عن فرص اقتصادية أفضل.