أول تفسير علمي للحسد
الحسد في مفهومنا العامي هو شعور عاطفي برغبة زوال نعمة أو إنجاز أو ملك أو خاصية من شخص آخر و تمني الحصول عليها، أو ربما الاكتفاء بزوالها من الآخرين فقط. و هي ليست الغبطة لأن الغبطة تعني تمني نعمة مثلها دون التفكير في زوالها عن الآخر.
قال الفيلسوف المعروف بيرتراند راسل أن الحسد هو من أكثر القوى التي تسبب التعاسة. و لا يكتفي الحاسد بتعاسته بسبب حسده و إنما يرغب في إلحاق المصائب بالآخرين. و رغم كون الحسد إجمالا هو صفة سلبية إلا أن راسل يقول أنه قوة دافعة لتحقيق الديمقراطية و ذلك من أجل الوصول إلى نظام اجتماعي أكثر عدلا و مساواة. حيث قسم العلماء الحسد مؤخرا إلى قسمين الحسد الضار و الحسد الإيجابي الذي يشكل قوة إيجابية دافعة.
المزج بين الشرق و الغرب
أما في الشرق الأقصى فشكلت الفلسفات تفسيرا مختلفا للمفاهيم الغامضة و الغيبية، و عرفت هذه التفسيرات اهتماما من الغرب بسبب ما تتضمنه من مفاهيم و تصورات لأسباب كالفضول المعرفي و الرغبة في التعرف على الآخر و ثقافة الغير. ليس هذا فقط بل إن الجاذبية و الغموض اللتان تميزان فلسفات و ديانات الشرق الأقصى، كانت بمثابة ملاذ روحي جديد لبعض الأشخاص، و بسبب هذا الاهتمام تمت المزاوجة بين الفلسفات الشرقية و علم النفس الغربي، لينتج عن ذلك بعض الفنون العلاجية التي تجمع بين الخرافة و نثرات من علم النفس.
مبدأ تشي في المفاهيم القديمة
يمثل مفهوم الطاقة الحيوية Chi أحد المكونات المهمة في الفلسفة الشرقية القديمة التي كانت بدورها تبحث عن إجابة للأسئلة الوجودية الكبرى، و تختلف أسماء هذه الطاقة باختلاف الثقافات الشرقية ، و كانت تعتبر تشي قديما لدى الآسيويين المبدأ المشكل للكون، و هي سبب حركته و قوة حياته، و أنها تغمر العالم بكل جوانبه، و اعتمدوا على هذه القاعدة في محاولة تفسير باقي الظواهر،حيث كانوا يعتبرون أن سبب المرض في الطب الصيني التقليدي هو نقس هذه الطاقة في الجسم، أو خلل في عملها في جسم الإنسان، أو وجود طاقة سلبية مضادة لها “Xie Qi”.
ما هو تفسير تأثير السلبي على السلبي ؟
و يقول الروحانيون الذين ينطلقون من ركائز مبادئ الفلسفة الشرقية أنه كلما كان الإنسان صالحا كلما كانت هذه الطاقة مرتفعة لديه و كان يشعر بالسعادة أكثر و بالصحة و بالتالي يكون تأثيره إيجابيا على وسطه و على الآخرين، بينما إذا كان شريرا و يحمل الصفات السيئة كان تأثيره سلبيا على محيطه و على الآخرين. و قد قال بعض المشتغلين في العلوم الزائفة الذين ينطلقون من نفس الخلفيات، بعد التجارب التي قاموا بها أن للفكر و المشاعر تأثير على المواد المحيطة، و أن حالات الإنسان النفسية و العاطفية تؤثر بشكل سحري على المواد الكيميائية و الكائنات الحية.
كيف يؤثر الحسد على الآخر؟
تختلف طبيعة و نوع التأثير الصادر على طبيعة الأفكار و المشاعر ، حيث أن الأفكار الإيجابية تؤثر إيجابيا بينما الأفكار السلبية تؤثر سلبيا، أما هذا التأثير فيتم بواسطة الطاقة الخفية، التي تستطيع الانتقال من إنسان إلى آخر، لأن المشاعر و الأفكار هي طاقة تستطيع التنقل و التأثير في الأجسام الأخرى المتصلة بجسمه المادي، و بالتالي فإن أي تأثير يصدر من الأول يؤثر على الثاني. و انطلاقا من هذا التفسير فإن الحاسد و ما يملكه من مشاعر و أفكار سلبية تتشكل كطاقة سلبية و تنتقل إلى الآخر مما يسبب له الأذى أما هذه الطاقة فتنتقل من الدماغ عن طريق العين التي تعتبر نافذة الروح مما يسبب له خللا في دورته الطاقية و هو ما يؤثر سلبا على حالته الصحية.