قرطبة الأندلسية بوابة روائع الخزف العربي
تعد المدينة الأندلسية أكثر من حواضر أوروبا مدنية، في القرن العاشر ميلادي و كانت تعتبر نقطة إعجاب العالم و دهشته. و تعرف مدينة قرطبة بصناعتها للخزف و الفخار، التي يعود تطورها و نشأتها إلى التصميم الجميل في العصر الإسلامي. فنجد في التصاميم القرطبية الأواني الفخارية اليدوية المزركشة بالورود، و منها ما نجد فيه معالم المدينة مرسومة عليه.
أفضل أنواع الخزف في قرطبة
من بين أبرز الأواني الفخارية في قرطبة هناك الأطباق الخزفية التي يصور عليها مسجد الجامع من الداخل أو من الخارج، و مناظر لزهور و نباتات غالبيتها زرقاء اللون، و هناك كذلك الأعمدة المستوحاة من مدينة الزهراء أو من أقواس المسجد ذات اللونين الأحمر و الأبيض على شكل حدوة الحصان، كما توجد صحون كتب عليها اسم الجلالة “الله” و أخرى عليها اسم الرسول صلى الله عليه وسلم “محمد”.
كانت قرطبة في الحقيقة محط إعجاب العالم بجماليتها تماما كمدينة فينيسيا في أعين دول البلقان ، و كان إحساس السياح الذي يأتون لها خاصة من الشمال يشعرون بما يشبه الخشوع و الرهبة في تلك المدينة، التي تضم 70 مكتبة و نحو تسعمائة حمام عمومي. كما كانت تعد امتدادا للحضارة الإسلامية و الإنسانية من حيث العلم و القيم و المجد و ظهرت مدينة قرطبة كنجم شاهد على ما بلغته حضارة المسلمين و عز الإسلام في ذلك العصر التاريخي، أي في منتصف القرن الرابع الهجري عندما كانت أوروبا ما تزال في جهلها العميق.
قرطبة كانت ذلك النجم و النور و الدليل لكل ما له علاقة بالإسلام بل و حتى لكل أوروبي آمن بالنهضة و الحضارة عموما. و تتواجد قرطبة في نهر الوادي الكبير في الجهة الجنوبية من إسبانيا، فقد أسسها القرطاجيون كما يقول المؤرخون و حكمها الرومان و القوط الغربيين.
أين تقع قرطبة ؟
هي مدينة و عاصمة مقاطعة قرطبة التابعة لمنطقة أندلوسيا في جنوب إسبانيا و توجد على ضفة نهر الوادي الكبير، و يصل عدد سكانها إلى 328.659 نسمة حسب إحصائيات سنة 2011. و كانت عاصمة الدولة الأموية خلال الحكم الإسلامي. من أبرز معالمها التاريخية مسجد قرطبة.
و حسب المعلومات التي قدمها “ياقوت الحموي” بخصوص مدينة قرطبة فإن أصل الكلمة يعود لمصدرين الأول أن الكلمة أعجمية رومانية و الثاني أنها عربية. و في اللغة العربية تعني قرطبة العدو الشرس، و قد وردت الكلمة في عدة قصائد في الشعر العربي. و في رواية أخرى تعني قرطبة صرعه و هناك معنى آخر و هو “قرطبا” أي السيف و نقول “كأنه من قرطبة” أي قطعه.
أما فيما يخص إرجاع الكلمة للغات القديمة فقد وضحه مؤلف مقالة “قرطبة في دائرة المعارف الإسلامية” و الكثير من الكتب الغربية و العربية فإن أًل الكلمة إيبيري قديم مقتبس من كلمة Corduba أو Corduva وهي كلمة تعني المدينة القديمة الأزلية حسب شرح المؤلفين العرب. و ذكرت في فترة صراع اليونان و قرطاجنة عندما شارك أهالي قرطبة في حملة هانيبال على روما ثم أصبحت تابعة للإمبراطورية الرومانسية في سنة 206 قبل الميلاد.
قرطبة الإسلامية
تم فتح قرطبة من طرف الأمويين المسلمين بزعامة القائد مغيث الرومي مولى الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 92 هجرية الموافق 710 ميلادية بعد أن تمكن من العبور بقواته إلى إيبيريا. سميت إيبيريا وقتها بالأندلس و تم قتل ملكها رودريك، فقام الأمويين بجعل الأندلس ولاية تابعة لولاية المغرب، ثم جاء عمر بن عبد العزيز و جعلها ولاية تابعة للعاصمة الأموية في دمشق. في ذلك الوقت أصبحت قرطبة مقرا للأمويين و ولاتهم إلى غاية سقوطها على أيدي العباسيين سنة 750 ميلادي.