قصة و حقيقة تغيير الساعة إلى”التوقيت الصيفي”
قد يظن البعض أن التوقيت الصيفي هو وليد العصر لكنه في الحقيقة قد بدأ العمل به منذ 100 سنة في بريطانيا، و تلتها العديد من البلدان حول العالم. و سواء أحببت هذا التوقيت أم لم تحبه فعليك أن تشعر بالامتنان لمواطن بريطاني عنيد أصر على تطبيق هذا التوقيت.
كيف وصل إلى فكرة التوقيت الصيفي؟
عاش هذا الرجل البريطاني في ضاحية “تشيزبهرست” في جنوب غرب لندن و قد كان يشتغل في البناء و متوسط الدخل و يدعى “ويليام ويليت” و لولا إصرار هذا الرجل لما قامت بريطانيا و ربع العالم بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية تطبق هذا التوقيت الصيفي أبدا. كان يشتهر وليت بحبه للمساحات الشاسعة المفتوحة، و خلال تجوله على جواده في صباح يوم من أيام الصيف سنة 1905، لاحظ أن الكثير من البيوت مازالت مسدلة لستائرها التي بقيت مغلقة حاجبة لضوء الشمس فخطرت في باله فكرة تقديم عقارب الساعة قبل بداية كل صيف.
هل كان أول شخص يدافع عن التوقيت الصيفي؟
لم يكن وليت أول من فكر في هذه الطريقة بل سبقته إلى ذلك العديد من الحضارات القديمة التي عملت على تقصير ساعات النهار و إطالتها، حسب كل فصل. فمثلا كانت الساعة الرومانية 44 دقيقة في فصل الشتاء و تصل إلى 75 دقيقة في فصل الصيف. و في سنة 1895 اقترح “جورج هانتر” عالم الحشرات النيوزيلندي أن يتم تأخير عقارب الساعة و أن يتم تقديمها لمدة ساعتين لكن الجميع سخر منه في ذلك الوقت.
متى كان تنفيذ القرار؟
بعد مرور 6 سنوات أي في سنة 1901 أصدر الملك إدوارد السابع قرارا بتأخير عقارب الساعة لمدة ثلاثين دقيقة في ساندرينجام حتى يتمكن من قضاء وقت أطول في الصيد. و لكن ويليت لم يكتفي بذلك بل أمضى الكثير من الجهود من أجل تحقيق فكرة التوقيت الصيفي في آخر المعركة. ففي سنة 1907 قام بشكل شخصي بنشر كتيب “إهدار ضوء النهار” و كان يدعو فيه إلى تقديم التوقيت بزيادة 20 دقيقة أربع مرات في شهر أبريل و تأخيره في شهر سبتمبر بنفس العدد.
ما الهدف من هذا التغيير؟
قال ويليت أن التغيير في التوقيت سيزيد من فرص الترفيه و الترويح عن النفس إضافة إلى انه سيخفض من تكاليف الإضاءة. و كان أول من تحمس للفكرة عدد من السياسيون البارزون و من أبرزهم “ديفيد لويد جورج ووينستون تشرشل” الذي كان وقتها شابا يشغل منصب وزير التجارة. و عندما طرح مشروع قانون التوقيت الصيفي المقترح مؤخرا للمناقشة، وافق على الفكرة “أرثر كونان دويل” مؤلف شرلوك هولمز رغم أنه لم يوافق على تغيير التوقيت بنفس الدقة التي دعا لها ويليت و التي اعتبرها مبالغ فيها. و قال كونان أمام لجنة اختيار مشروع القانون أنه لم تم تغيير الساعة في مرة واحدة إلى ستين دقيقة سيكون أفضل لتجنب الالتباس.
ما رأي المعارضين للفكرة؟
حسم الموضوع عند انضمام رئيس الوزراء هيربرت أسكويث إلى الطرف المعارض للمشروع. لكن الرفض كان بفارق بسيط من الأصوات سنة 1909 و هو نفس الأمر الذي ظهر حتى في المقترحات الموالية. فكان يعتبر تغيير الوقت إجراءا متطرفا حتى بالنسبة للحكومة الليبرالية الإصلاحية. لكن هذا لم يغير إصرار ويليت الذي ظل يجمع التأييد لفكرته بكل ما يمكنه لتغيير التوقيت في بريطانيا و أوروبا و أمريكا حتى توفي بسبب إصابته بفيروس الأنفلونزا سنة 1915.
و بعد سنة من وفاته قبلت صيغة معدلة من هذا المشروع الصيفي في آخر الأمر، بعد ما حصل من ظروف كانت دافعا إلى تغيير التوقيت و التي هي اندلاع الحرب ليكون مطبقا بعد عامين من خوض الحرب العالمية.