كيف نربي اطفالنا على كتمان اسرار المنزل ؟

الأطفال أحد أجزاء الأسرة و المجتمع و هم يتمتعون بالبراءة و التصرف بشكل تلقائي و عفوي و طالما الطفل لم يصل الى مرحلة النضج فلا يتمتع بالقدرة على التحكم فيما لديه من معلومات و أخبار , وبخاصة اذا لم يحصلوا على التعليم و التدريب و الإرشاد الكافي و المناسب مما يمكن لأن يتسبب في إيقاع الآباء و الأمهات في الحرج و يتسبب في حدوث المشكلات في المنزل او العائلة , لذا فإن كل اسرة تحتاج الى التمتع بالكتمان و المحافظة على الخصوصية لذا يجب الإهتمام بتعليم الاطفال و تدريبهم على كتمان الاسرار الخاصة بالمنزل و التوجيه .



متى يتعام الطفل الكتمان ؟





و يتم تحديد ذلك بناء على المرحلة العمرية .





1- الطفل قبل سبع سنوات : –


تلك المرحلة العمرية لا يكتم الطفل مشاعره بسهولة و لا يستطيع التحكم بإخفاء المعلومات و يكون من السهل القيام بإستدراجه و إستخراج المعلومات بسهولة و بخاصة ان الطفل في تلك المرحلة يتمتع بذاكرة قوية , لكن بشكل عام فإن الطفل في تلك المرحلة يتمحور سلوكه حول ذاته و لا يهتم بغيره .

للعمل على تدريب الطفل في تلك المرحلة يجب أن يوجد بين الاب و الام و الطفل الكثير من الحب و التوافق و الإنسجام , لذا يمكن أن يبدأوا في تدريب الطفل بشكل بسيط و يمكن إستخدام القصص و الحكايات و العمل على تعليمه المفاهيم و توضيحها بشكل مبسط , كما يجب مراعاة عدم ذكر الاسرار الهامة امام الطفل .



2- بداية من عمر سبع سنوات فأعلى : –


تمثل تلك المرحلة مرحلة التمييز , حيث تبدأ قدرات الطفل في الإدراك في الإزدياد و يبدأ سلوكه المتمحور حول ذاته يتقلص و يبدأ في الإهتمام بالآخرين و يبدأ في الحكم و يتعلم القدرة على كبت المشاعر , و هنا يكون من السهل تدريب الطفل على التحكم بما يعرف من معلومات .



لماذا يفشي الطفل أسرار المنزل ؟



1- تغيب القدوة و التعليم و التدريب .

2- إفتقار الطفل للعطف و الثناء و التقدير و الإهتمام مما يدفعه الى التنفيس بحكاية الأسرار لمحاولة لفت الإنتباه .

3- رغبة الطفل في الإنتقام من والديه بسبب القسوة التي يعانيها او الضغط بشدة عليه فعادة لا يقوم الطفل بإفشاء سر من يحب .

4- محاولة الآخرين إستدراج الطفل لإستخراج المعلومات .



كيف يتم تربية الأبناء على كتمان الأسرار ؟





1- توفير الأجواء التي من شأنها المساعدة على حفظ الاسرار : –


حيث يجب أن تكون الاجواء في المنزل مفعمة بالمحبة و الود و الإحترام و التقدير و الرفق و التفاهم و الإنسجام و بخاصة مع الطفل الى جانب تربيته على مراعاة الله في كل ما يقوم به و الرجولة , مما يساعد في إنشاء الطفل على حفظ الخصوصيات و الأسرار , كما يجب القيام بإشباع الطفل ماديًا و معنويًا في مختلف الإحتياجات و لكن بقدر مناسب حتى لا يكون الطفل فريسة سهلة للإبتزاز و بخاصة من الناحية المعنوية .



2- القدوة : –


اغلب سلوك الطفل يتعلمه من خلال سلوك الوالدين لذا يجب أن يراعي الوالدين عدم إفشاء اسرار الآخرين امام الطفل مما يساعد في تعليمه إحترام خصوصية الآخرين .



3- تعليم الطفل بطريقة عملية : –


يجب تذكير و تعليم الطفل بأن المعلومات خاصة بنا و يجب أن لا يعرفها احد غيرنا و انه يجب أن يكون لكل بيت خصوصيته لذا يجب مراعاة الآتي : –

• أن يتعلم الطفل أن الأمانة المعنوية تمامًا مثل الأمانة المادية مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم ” إذا حدَّث الرجلُ الحديثَ ثم التفت فهي أمانة” و هنا و من قبيل التدريب العملي قوموا بتعليم الطفل أهمية عدم افشاء سر معين و هات شخص يقوم بمحاولة إستدراج الطفل و إستخراج المعلومات منه و لاحظوا مدى إستجابة الطفل و تطبيقه لتدريباتكم و تعاليمكم , كما يجب تعليم الطفل اهمية حفظ و كتمان الأسرار بإستخدام السيرة النبوية كأن تقوموا بإستخدام قصة أنس بن مالك الغلام الذي حفظ سر رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قام الرسول بإرساله في حاجة و عندما سألته أمه أجابها “لا أفشي سر رسول الله” .

• تعليم الطفل الهدف من الكتمان و ان يعرف الفرق بين الكتمان و الخوف : – يجب أن يعرف الطفل جيدًا أن الهدف من الكتمان ستر الامور الشخصية و حفظ الخصوصية و ليس الخوف .



• التفرقة بين الكتمان و الكذب : –


الكتمان هو عدم ذكر معلومة او امر ما و بشكل لبق و دون أن يشعر الآخر قدر الإمكان و ليس تغيير الحقيقة او إختلاق للقصص حيث يتحول من كتمان الى كذب .



• التوازن في تعليم الكتمان و الإبتعاد عن المبالغة : –


يجب أن لا تبالغوا في توجيه الطفل الى الكتمان بشكل مبالغ فيه و التحذير الكثير مما يخرجه شخصية مهزوزة , بل يجب أن يكون طفل صريح في حدود ما يجب ذكره .



قصص تعليمية عن حفظ الأسرار .




1- أنس بن مالك الغلام حافظ سر رسول الله صلى الله عليه وسلم

, عن أنس رضي الله عنه قال “خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمتي قلت , صلى الله عليه وسلم فسلَم على الصبيان وهم يلعبون فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثني إلى حاجة له فذهبت فيها وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيء حتى أتيته واحتبست عن أمي عن الإتيان الذي كنت آتيها فيه فلما أتيتها قالت ما حبسك قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له. قالت وما هي؟ قلت: هو سر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فاحفظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره. قال ثابت قال لي أنس لو حدثت به أحدا من الناس أو لو كنت محدثا به لحدثتك به يا ثابت” .


2- هند والوعد بكتمان الأسرار .


هند تحب الخروج والرحلات والزيارات وتشعر بالبهجة والسرور كلما خرجت مع والديها ، ولكنها ذات مرة في أحد الزيارات جلست تذكر ما حدث بالبيت , لقد أكلنا اليوم كذا وأبي كان يقول لأمي كذا ، وإخوتي كانوا يفعلون كذا ، وزارنا بالأمس عمي فلان , فغضبت منها أمها وكذلك أبوها وإخوتها ، ورفضوا أن يصطحبوها معهم في الزيارة القادمة فحزنت هند جدا لأنها تحب الخروج والزيارات والرحلات فاعتذرت ووعدت بعدم فعل ذلك في المرات التالية أبدا فسامحوها بشرط ألا تعود لذلك مرة أخرى ، وأخذوها معهم في الزيارة التالية فكانت بالفعل مؤدبة ملتزمة لا تذكر لأحد أسرار المنزل أبدا فأعطوها مكافأة وشكروها على ذلك ووعدوها باصطحابها معهم في الزيارات القادمة حتى يدخلوا عليها السرور وتعلمت هند من خلال ذلك احترام خصوصية أسرار المنزل ، وعدم ذكر أخبار البيت لأحد .


3- العصفورة فرفورة وأسرار البيت .


كانت العصفورة فرفورة تصغي بانتباه لما يدور بين أمها وأبيها من حديث عائلي خاص ، وعندما انتهيا من الحديث سألتهما إن كان بإمكانها أن تقص ما حدث بينهما على صديقتها اليمامة الصغيرة ، فقالت أمها على الفور حذار أن تفعلي ذلك؛ فما يدور داخل البيت بين الأم والأب هو سر من أسرار ذلك البيت لا يجوز نقله إلى الغير مهما كانت الأسباب ، وكذلك فإن على الصغار أن لا يتدخلوا في شئون الكبار ، أطاعت العصفورة فرفورة أمها ولم تنقل كلمة واحدة مما سمعت من أمها وأبيها إلى خارج البيت .