قصة حرب المرتدين ” حروب الردة “
إن الإسلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انتشر بصورة كبيرة، ودخل عدد كبير من الناس في الدين، وتركوا الشرك بالله وعبادة الأصنام، وفي أواخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ظهرت بعض العلامات التي تدل على وجود المرتدين، والمرتدين هم جماعة من الناس كانوا على الشرك ثم دخلوا في الإسلام، ثم ارتدوا إلى الشرك مرة أخرى، وقد كان رسول الله حينها يجهز جيشا عظيما بقياة
أسامة بن زيد
لكي يحارب الروم، لكنه توفى قبل أن يترك الجيش حدود المدينة، وظل الجيش ينتظر الأوامر الجديدة .
خلافة أبي بكر بعد الرسول
بعد أن توفى الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان لابد من قيام خليفة لإدارة شئون المسلمين، وقد اجتمع المهاجرين والأنصار على أن هذا الخليفة لابد وأن يكون أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو أول من آمن بالرسول، وهو أحب الناس إليه، وبالفعل وعن طريق اتباع منهج الشورى قد بايعوا أبا بكر الصديق خليفة لهم .
وألقى الصديق حينها خطبة قال فيها ” أيها الناس، إنى قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ له حقه، والقوى ضعيف عندى حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله ” .
أنواع المرتدين الذين ظهروا في هذا الوقت
كانت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فرصة لضعاف الإيمان، وأولئك الذين دخلوا الإسلام طمع في المال والأرض، حتى نجد منهم من ارتد، وكان على أبا بكر الصديق أن يواجه هؤلاء القوم، وقد انقسم المرتدين إلى جزئين :
النوع الأول :
هم الذين امتنعوا عن أداء الزكاة بعد وفاة الرسول، بحجة أن
الرسول صلى الله عليه وسلم
قد مات، فلما ينبغي عليهم دفع الزكاة من بعده .
النوع الثاني :
هم الجماعة التي خرجت صراحة عن الدين، وأعلنت ذلك، وكان هذا بسبب العصبية القبلية، لأن النبوة كانت من قبيلة قريش، لذا نجد آخرين من قبائل أخرى قد ادعوا النبوة، وصدقهم عدد من الناس بدافع هذه العصبية، فظهر مسليمة الكذاب من بني حنيفة وادعى النبوة وصدقه عدد كبير من الناس، وكذلك ظهرت امرأة أخرى ادعت النبوة وتبعها قومها من بني تميم رغم أنهم يعلمون جيدا أنها كاذبة، ولكن عمتهم عصبيتهم القبلية، كما ظهر آخر في اليمن يدعى الأسود العنسي .
حرب أبو بكر على هؤلاء المرتدين
توجه أبو بكر لمحاربة الجزء الأول من المرتدين وهم الممتنعين عن الزكاة، رغم أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
في البداية لم تكن هذه وجهة نظره، حيث أنه رفض تسمية الممتنعين عن الزكاة بالمرتدين، أما أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقد رأى أن عدم قتالهم سوف يهدم ركن هام من أركان الدين الإسلامي، وهو الزكاة، فرأى وجوب قتالهم وقال ” والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، واللّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لقاتلتهم على منعها ” فاقتنع عمر بن الخطاب برأيه فيما بعد .
قسم أبو بكر جيشه إلى 11 لواء، كان في مقدمتهم
خالد بن الوليد
، و
عمرو بن العاص
، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم، ثم أرسل رسائل للمرتدين قبل أن يبعث لهم هؤلاء الجيوش، حتى تكون هذه آخر فرصة لهم للرجوع إلى الحق، وحتى يجعل إراقة الدماء آخر حل أمامه،.
وقال في هذه الرسالة ” وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه جهالة بأمر اللّه وإجابة للشيطان، وقد قال اللّه سبحانه وتعالى ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) .وإني قد بعثت إليكم رسول في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، وأمرته ألا يقاتل أحدا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية اللّه، فمن استجاب له وأقر وكف وعمل صالحا قبل منه وأعانه عليه، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك، ثم لا يبقي على أحد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنار ويقتلهم كل قتلة، وأن يسبى النساء والذراري ولا يقبل من أحد إلا الإسلام، فمن اتبعه فهو خير له، ومن تركه فلن يعجز الله ” .
وقد نفذت الجيوش كما أمر به أبو بكر، فمن رجع إلى الحق تركوه، ومن صمم على الباطل قاتلوه، وقاتل المسلمون اعدائهم بكل قوتهم، فلم يمر عام واحد حتى انتهت تلك الفتنة تماما، حيث بدأت في السنة الحادية عشر من الهجرة، وانتهت في السنة الثانية عشر، وعاد للإسلام مكانته وقوته من جديد، وكان الفضل ل
أبي بكر الصديق
، الذي تمسك بالحق وحارب الباطل حتى هزمه .