امير شعراء السويد Tomas Tranströmer
توفي أمير شعراء السويد في شهر مارس من عام 2015 ، لكنه لم يمت في أذهان محبيه والمعجبين بحسه الفني العالي ، فقد ترك وراءه العديد من الأعمال الشعرية ذات الذوق العالي ، التي تظهر براعته وتمكنه في الشعر .
رحل الشاعر السويدي توماس ترانسترومر ( Tomas Tranströmer) عن سن يناهز 83 عاما، بعد أن حصل على جائزة نوبل في الأدب . قضى الشاعر الملقب بأمير الشعراء خمس و عشرون عاما من حياته على الكرسي المتحرك، حيث لم يكن يستعمل إلا لغة الإشارة في التواصل.
حصول الأديب توماس على جائزة نوبل يعد كسرا لقرار الأكاديمية السويدية التي لا تسمح للأدب السويدي بالحصول على هذه الجائزة. لكن الأكاديمية في هذه الحالة لم تستطع إلا أن تسمح له بالحصول على الجائزة نظرا لعظمة ما قدمه الشاعر للأدب، خصوصا مع معاناته مع الإعاقة الجسدية التي تسببت فيها جلطة دماغية أصيب بها الشاعر سنة 1990م.
كان لزوجة الشاعر السويدي مونيكا الدور الكبير في إكماله لمسيرته الأدبية، خاصة بعد إصابته بالجلطة حيث كانت هي يديه و كلماته. و لم يعقه ذلك من الاستمرار بل كانت حافزا قويا له في الإبداع و التميز ، فقد حصل على جائزة نوبل للأدب سنة 2011م.
عرف عن الشاعر الكبير تفرده و براعته في المزج بين المفردات و الجماليات، في لوحات أدبية تعبيرية لغوية أقل ما يقال عنها أنها رائعة. عند قراءتك لكتابات توماس الأدبية فإنك ستعتقد لوهلة أن تشاهد لوحة فنية دقيقة التعبير و واضحة ، وهو الأمر الذي أوضحته الأكاديمية في تصريحها، أثناء إعلان فوزه بجائزة نوبل.
كان للقارة الإفريقية النصيب الأكبر من رحلات الشاعر قبل إصابته بالإعاقة، إضافة إلى زياراته إلى العديد من الدول في آسيا. فقد عرف الأديب الكبير بالسفر و الترحال، و زار خلال رحلاته دول عدة في كل القارات. زيارات توماس لم تكن زيارات عابرة، فقد خلد أثناءها العديد من الكتابات الشعرية العظيمة، حيث وجد في كل بلد إلهاما خاصا.
عرف الشاعر السويدي بمخيلته الخصبة و عالمه الخاص الذي خلقه لنفسه متجاوزا بذلك الحدود الجغرافيا و الفكرية و الزمنية كذلك. و لم يذكر أن للأديب أي انتماء سياسي، ولم يتحيز يوما لأي إيديولوجية، بل كان اهتمامه الأكبر بالإنسانية و الجمال. و لطالما أكد أن الجمال الإنساني يحتاج إلى التعبير و الإبداع بغض النظر عن مكان و زمان الإنسان و انتماءه.
ترجم الشاعر العراقي علي ناصر كتب الشاعر السويدي و أغنى بها المكتبات العربية. فقد اختار علي ناصر القصائد الشعرية بعناية كبيرة. ثم جاء بعده الشاعر الكبير أدونيس و قدم جملة من أعمال توماس للقارئ العربي. و الغريب أن أدونيس و توماس تنافسا على نفس الجائزة التي فاز بها الشاعر السويدي.
يذكر أن اسم الشاعر السويدي الكامل هو توماس يوستا ترانسترومر ، و قد ولد يوم 15 من أبريل سنة 1931 في ستوكهولم في السويد. و يعد توماس أحد الوجوه البارزة في الساحة الثقافية السويدية و سفيرها في العالم.
سيرة الشاعر :
درس توماس ترانسترومر الثانوية ، و تخرج من جامعة ستوكهولم بشهادة اختصاص علم النفس سنة 1956. عمل في ما بعد في سجن للأحداث. كان يعرف عنه أنه عازف بيانو من الطراز الرفيع. و بعد إصابته بالجلطة اضطر إلى تعلم استعمال يده اليسرى في الكتابة و العزف.اختار أن يعيش معظم سنوات عمره في مدينة فيستيروس، و في آخر سنواته عاد إلى ستوكهولم مع زوجته.
إبداعاته :
بدأ مسار الشاعر في سن الثالثة عشر، و كانت سنة 1954م السنة التي نشر فيها أول أعماله الشعرية، من خزانته التي ترك فيها 12 كتابا شعريا و نثريا. قبل أن يعمل على نشر أعماله ، كان قد عمل في ترجمة الشعر السريالي الفرنسي، خاصة شعر أندريه بريتون.
حاز ترانسترومر على كافة الجوائز التي تقدمها الدول الإسكندنافية، و على جوائز أوروبية كجائزة بترارك (1981)، و جائزة الإكليل الذهبي (2003)، و جائزة نوبل (2011) وكان هو الفائز رقم 108 بهذه الجائزة في العالم.
كما ترجم له الكاتب قاسم حمادي أعماله كاملة إلى اللغة العربية سنة 2005 ، وصدرت في دار النشر (بدايات).